دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن

دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن!

دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن!

 السعودية اليوم -

دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن

عبد الرحمن الراشد

الصورة الذهنية السابقة عن الجماعات الإرهابية أنها مجاميع من الشباب المتطرفين، من طويلي الشعر واللحى الكثة، ينفذون عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات، بهدف التخريب وإسقاط الأنظمة.. المظاهر والأفعال نفسها التي نراها اليوم، لكن، ومع هذا، «داعش» ليس «القاعدة».. تنظيم فوضوي بأسلحة وأشرطة تلفزيونية.

«داعش» يملك مقومات الدولة؛ الثروة، والقوة، والسكان، والأرض.. عنده آبار بترول، ومصافٍ، وشاحنات نقل لتهريبه، وشبكة من السماسرة يقومون له بترتيب البيع والمقايضة. عنده هامش للمناورة.. يتعاطى مع أعدائه فيبيع الغاز والنفط لبعض المراكز الحكومية في سوريا لتشغيل محطات الكهرباء. ولديه من هو مكلف بجباية الأموال من قطع الطرق، وتحصيل رسوم على الشاحنات العابرة، وفرض الضرائب والمكوس على الأهالي. وقامت «دولة داعش» باعتماد مجالس بلدية في المدن والبلدات التي احتلتها، تقوم بإدارة شؤون مناطقها، ولها محاكمها، وشرطتها.. وتحاول السيطرة على الاتصالات الهاتفية المحلية، والتحكم في توزيع الإنترنت. وفي مناطقها؛ الشوارع مضاءة، والماء يجري يوميا في البيوت.. الحياة كأنها عادية، وبالطبع لهذه الدولة الإرهابية، قيادتها وعلمها، وأجهزة دعايتها.

تذبح بوحشية لإخضاع السكان، وزرع الخوف. وفي بعض المناحي التي تهمها، مثل جمع الأموال، تبدو برغماتية. وقد سألت أحد المسؤولين المصرفيين العرب عندما التقينا في المنتدى الاقتصادي الأخير في البحر الميت، عن فرع بنكهم في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها «داعش».. روى كيف أن البنك يفتح أبوابه كل يوم في أوقاته المعتادة تقريبا، التنظيم لم يغلقه بخلاف المتوقع. ومع أن نشاطات البنك انخفضت كثيرا، إلا أن الموظفين يذهبون إلى هناك كل صباح! أي إن «داعش» لم يغلق المصارف رغم أنه يعدها ربوية محرمة. وتحت حكم «دولة داعش العراقية» أكثر من أربعين مدينة وبلدة، أكبرها الموصل، ثاني مدن العراق، والرمادي عاصمة محافظة الأنبار. ولا تبعد ميليشياتهم عن العاصمة العراقية بأكثر من ثمانين كيلومترا فقط. ولها حدود تحاذي السعودية والأردن، وتمتد سلطتها إلى شرق وشمال ووسط سوريا. وتحت سيطرة «داعش» ثلاثة سدود مائية، وقد قام بحرف مياه النهر لحرمان خصومه منها.

ولو أن «داعش» قرر أن يبقي مكانه ولا يتمدد، ولا يخسر معاركه الدفاعية المقبلة، فقد يستطيع خلال عامين، أو أكثر قليلاً، أن يكوّن علاقات مع بعض دول العالم، لأنه سيصبح أمرًا واقعًا!
هذا التطور في تفكير الجماعات الإرهابية يجعلها أخطر مما ألفناه في التنظيم الأب؛ «القاعدة». هذاك كان مشروعه إشاعة التطرّف الديني، ومحاولة إسقاط الأنظمة الأعداء له، بزعامة الراحل أسامة بن لادن، لكنه كان بلا خطة لليوم التالي. أما «داعش» فهو نموذج متقدم وأكثر خطورة.. تتضح مع الوقت معالم مشروع دولة حقيقية، فهو عن تخطيط يستهدف المناطق المضطربة.. يستولي على الأرض، ويؤسس وجوده عليها، ثم يتمدد، كما يعلم شعار دولته اليوم: «باقية وتتمدد».

ويبدو أنه يقرأ فكر خصومه جيدًا؛ في سوريا والعراق والغرب، ويفهمهم أفضل مما هم يفهمونه؛ فهو يستفيد من التحريض الطائفي الذي تمارسه القوى السياسية الشيعية العراقية والإيرانية، ويستغله لتجنيد أبناء السنة في المناطق التي يحتلها. ممارسات الحشد الشعبي الطائفية تمنح «داعش» حاجاته.. يقدم نفسه دولةَ من يشعرون بأنهم بلا دولة، وسيدافعون عنها بقناعة واستبسال. ويبدو أن التنظيم يفكر بعقله أكثر من سلاحه؛ يرصد ما يصدر عن الحكومات التي تعاديه، وخصوصا الولايات المتحدة. حتى الآن لم يستفزها بأعمال عدائية خارجية كبيرة تضطر الحكومة الأميركية إلى تكرار ما فعلته بأفغانستان ردًا على هجمات «القاعدة» على مدينتي نيويورك وواشنطن عام 2001. استراتيجية «حكومة» أبو بكر البغدادي تبدو أكثر تركيزًا من قيادة بن لادن حينذاك، فالبغدادي يستهدف الدول الساقطة، أو التي تعاني من فراغ سياسي، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، والسيطرة فقط على المناطق الملائمة له طائفيا.. يخضع سكانها بالقوة، ويستولي على مواردها المالية، ويكلف بعض أهلها بإدارة شؤونها المحلية، وبعد أن يستولي على أسلحتها وأراضيها، ينتقل إلى ما وراءها، في عمليات عسكرية مدروسة.

و«داعش»، دولة غنية. مؤسسة «راند» تقدر أن مداخيل التنظيم العام الماضي من البترول العراقي بلغت مائة مليون دولار، ومداخيله من الابتزاز والرسوم ستمائة مليون دولار، والأموال التي نهبها من البنوك بلغت ستمائة مليون دولار. ولو افترضنا أن فيها مبالغة، فمن المؤكد أن «دولة البغدادي» أغنى وأخطر بكثير من «دولة بن لادن».. لديها نفط، وبنوك، ومخازن أسلحة هائلة، وفي صفوفها يقاتل شباب محلي غاضب، مع شباب جاء من وراء الحدود يريد الذهاب إلى الجنة الموعودة. سيكون من الصعب تحدي «داعش» دون مشاركة كل دول المنطقة، بما فيها الحكومات الأعداء، مع التحالف الدولي القائم حاليا. وهذه مهمة صعبة جدًا ما دامت الإدارة الأميركية عاجزة عن إدارة توجهات بغداد، ولجم إيران. ودون تجريم للجرائم الطائفية على الجانبين، فلن يقوم تحالف. ويزيده تعقيدًا الاشتباك الخليجي - الإيراني، في سوريا واليمن. مع الخلافات الإقليمية والعجز الأميركي، ستزدهر «دولة داعش»، ولن يكون سهلاً دحرها لاحقا.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab