المالكي واتهامه السعودية

المالكي واتهامه السعودية

المالكي واتهامه السعودية

 السعودية اليوم -

المالكي واتهامه السعودية

عبد الرحمن الراشد

حتى قبل أن يتسلم نوري المالكي رئاسة الوزراء في العراق، قبل ثماني سنوات، اختارت السعودية سياسة الابتعاد عن العراق، اعتقادا منها أنه وحل ورط الأميركيون أنفسهم فيه، وعليهم تدبر أمرهم هناك. وكان الأميركيون قد عرضوا على الجانب السعودي الانخراط، طالبين مساعدته في العملية السياسية لتشكيل العراق الجديد، بعد إسقاط نظام صدام حسين، إلا أن الرياض اختارت سياسة النأي بالنفس، واعتزلت تماما الأحداث هناك، إلى درجة أنها منعت رجال أعمالها من المتاجرة مع الجانب العراقي والأميركي، فذهبت كل عقود مليارات الدولارات إلى شركات كويتية وغيرها.
وحتى عندما مكن الأميركيون شخصية عراقية سنية عربية، شبه سعودية، هو غازي الياور الجربا، (درس وعاش في المملكة)، ليكون أول رئيس جمهورية للعراق بعد سقوط صدام، من خلال مجلس الحكم في عام 2004 - ظلت الرياض ترفض التعامل معه، وكان يزور السعودية بصفة شخصية لا رئاسية. وقد حاول كثيرون أن يثنوا الرياض عن سياستها الانعزالية والمشاركة في رسم مستقبل العراق، لكنها أبت.
إذن، لم تكن المشكلة موجهة ضد شخص المالكي، ولا ضد السياسيين الشيعة، بل كانت سياسة اعتمدتها الحكومة السعودية، بغض النظر عن حكمنا عليها، صحيحة أم خاطئة.
وبدل أن يشكر المالكي السعودية لأنها ابتعدت تماما عن المشهد العراقي، ولم تناصر أي فريق على مدى عشر سنوات، دأب على مهاجمتها، مع أنه يعرف أن دولة كبيرة ومجاورة الحدود لبلاده كالسعودية، وفيها مراجع دينية سنية كبيرة، وعلى علاقة خاصة مع الولايات المتحدة - كانت قادرة على تغيير المعادلة في سنوات الاحتلال وبعده، لكنها لم تفعل. وخطأ المالكي ليس أنه هاجم السعودية، فهذا تكتيك كان يلجأ إليه، هو وبعض وزرائه، لأغراض سياسية داخلية، الجريمة التي ارتكبها هي بحق مواطنيه وبلده. فهو على مدى ثماني سنوات تعمد ألا يجري مصالحة وطنية بعد أن أصبح قادرا على تحقيقها بسلطاته النافذة، ووجود نظام حكم واسع قادر على احتضان الجميع. عوض المصالحة والمشاركة، تبنى سياسة المركزية الشديدة لسلطاته، فلم يشرك معه أحدا مع أن حكومته جاءت كائتلافية. وأبقى على التوتر بين الجميع، ظنا منه أن ذلك يضعف منافسيه، فهو ليس بزعيم لحزبه «الدعوة» الذي ينتمي إليه، وليست له أهمية دينية، ولا هو الشخصية السياسية الوطنية التي يمكن أن يجتمع عندها السياسيون. انتهج سياسة طائفية، ولم يلاحق السنة الذين ناصبوه العداء قط، بل لاحق السنة العرب الذين قبلوا العمل معه، وتجرأوا على الوقوف ضد المتعصبين من أبناء طائفتهم، مثل صالح المطلك ورافع العيساوي والنجيفي وآخرين!
وفي رأيي، إن المالكي ليس بصاحب سياسة طائفية بمعناها الديني، بل هو سياسي حريص دائما على استغلال متعصبي الشيعة ليكونوا إلى صفه، في إطار التنافس الشيعي - الشيعي. فمنافسوه من قياديي الشيعة من بيوت دينية كبيرة، مثل السيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم، ويتبعهما ملايين العراقيين، وقد طورا مشروعا سياسيا أفضل من المالكي، والمفارقة أنهما أقل حرصا على الطائفية منه. هو يعتقد بمزايدته عليهما، وبقية القيادات الشيعية، باضطهاده السنة والمجاهرة بذلك، أنه يتكسب شعبيا، ويضع قيادات الشيعة الأخرى في الزاوية عند الشيعة المتطرفين والمحافظين، مستخدما لغة التخويف والتحريض والتوظيف.
ويؤكد هذا، أن المالكي همش أيضا معظم ممثلي الأحزاب الشيعية التي أوصلته لرئاسة الوزراء، باحتكاره السلطات، إلى درجة أنه أسس مكتبا في رئاسة الوزراء لإدارة الوزارات الرئيسة، ووضع ميزانية ضخمة خاصة له، وبذلك جرد معظم الوزراء من صلاحياتهم. هي نفس عقلية الاستيلاء على الدولة التي مارسها سلفه صدام حسين. وعندما وقعت الكارثة، بسقوط مدينة الموصل وما تلاها من مدن وقواعد، نقل اللوم على أكتاف قوات الجيش، وإلا فكيف يمكن لرئيس الوزراء أن يحاسب وزير الدفاع، وهو نفسه وزير الدفاع ووزير الداخلية والمالية والمخابرات؟!
لهذا، كان المالكي يبحث عن مخرج للتهرب من المسؤولية، ولو كانت الهزيمة في أي دولة أخرى لتمت محاكمته ومحاسبته. للإفلات من اللوم، اخترع رواية المؤامرة، لكن من المتآمر أو المتآمرون؟ لم يسمِ أحدا، لأنها رواية إذا خاض في تفاصيلها ليست مقنعة. فهو نفسه وزير الدفاع الذي انتقى كل قيادات الجيش، بمن فيهم الذين في الموصل وبقية محافظة نينوى، وخذلوه، وهم في معظمهم شيعة، وكذلك قيادات المخابرات العامة والعسكرية والأمنية. وعندما هوجمت حمص من فئة مسلحة قليلة، لم يحاربها الجيش، بل فرت قياداته تاركة آلاف الجنود محاصرين في خطر. فالجيش كان أيضا ضحية قرارات المالكي واختياراته، وفساد إدارته. وللتهرب، بدأ باتهام دول إقليمية، بما فيها السعودية، فكيف يمكن لدول، مثل السعودية، أن تتآمر في بلد عدد قواته أكثر من قواتها، ومدربة من الأميركيين؟ ولماذا تتآمر على تغيير النظام وهي التي رفضت عشر سنوات متتالية التدخل في تشكيل النظام عندما أتيحت لها فرص كثيرة؟
ختاما، العراق لا يحتمل المزيد من المشاكل، ولا المنطقة أيضا، وهو الآن على مفترق طرق؛ إما أن يلملم الأجزاء المكسورة ويبدأ معالجة الأخطاء الحقيقية، بالمصالحة الداخلية وتفعيل نظامه ليتسع للجميع، وإما أن يسير وراء الأكاذيب ليغرق في المزيد من المشاكل.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المالكي واتهامه السعودية المالكي واتهامه السعودية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab