الضاري وسنوات الرفض

الضاري وسنوات الرفض

الضاري وسنوات الرفض

 السعودية اليوم -

الضاري وسنوات الرفض

عبد الرحمن الراشد

توفي الشيخ حارث الضاري دون أن يحقق شيئا من أمانيه، حيث كان رمزا وزعيما دينيا ووطنيا في العراق إبان الاحتلال الأميركي، ومرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين. وهو، مثل كثير من القيادات السنية، برز بعد الغزو في فراغ قيادي بسبب هيمنة شخصية صدام على المسرح. الشيخ حارث عجز عن فهم متغيرات الساحة العراقية والإقليمية، لهذا كانت معركته خاسرة، وألحقت ضررا بالغا بفريقه وعموم السنة، وكل العراق.
كنت وإياه على خلاف تام، ولم يمنع الخلاف أن أستضيفه في مقرنا في قناة «العربية» في دبي، وأعطيته حقه في نقدي والقناة، في اجتماعنا به، وهو لم يتردد أبدا في تلبية طلبنا منه بالمساعدة في أوقات عصيبة خُطف فيها زملاء لنا، وبذل جهودا لا تنسى، وأنقذ حياتهم. مع هذا فقد كان الخلاف دائما على المفاهيم السياسية، وضد ما أكتبه شخصيا، وهو أمر أتفهمه لكن حال لساني، وكذلك لسانه: «إنك لا تهدي من أحببت».
ولم يكن غريبا أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي تعمد ملاحقته، وهدد بسجنه، فالمالكي استخدم سلطاته في مطاردة خصومه سنة وشيعة، ووصم بالإرهاب كل من اختلف معه أو نافسه، فقضى الشيخ حارث معظم سنواته الأخيرة في المنفى في قطر والأردن.
الذي عجز عن إدراكه، ومعه عدد كبير من سنة العراق، أن هناك نظاما جديدا تحت التأسيس بعد سقوط صدام لا يستطيع منعه. الشيخ حارث لم يكن مرتبطا بنظام صدام، فقد كان له شيوخ من صناعته، بل يعتبر حارث نفسه من عائلة لها تاريخها الوطني. خروج صدام ونظامه من اللعبة كان متوقعا بعد هزيمته في الكويت، وتطبيق العقوبات الدولية التي دامت ثلاثة عشر عاما، كانت نهاية النظام شبه محتومة، وقد سرع صدام في إسقاط نفسه بتصرفاته الداخلية والخارجية، التي انتهت باحتلال مباشر وكان هدف الأميركيين الحقيقي هو تغيير النظام وتأسيس بديل له. هناك سنة، وهم قلة، أدركوا الوضع ووافقوا على الانخراط فيه، وهناك من ظنوا أنهم قادرون على وقف التغيير وعارضوه، ومنهم الشيخ حارث، وما سمي لاحقا بـ«هيئة كبار علماء المسلمين». الواقع، لمن فهمه، يقول هذه قوة عظمى قررت تأسيس نظام جديد، ولزعماء المجتمع خيارات محدودة، إما العمل معها والتغيير من داخلها، أو رفضها. الذين قرروا مقاومتها لم تكن لديهم القدرات ولا حتى الدعم الإقليمي، الداعم الوحيد كان نظام الأسد في سوريا، الذي كانت له مآرب أخرى عندما استغل المقاومة العراقية واستقبل آلاف المقاتلين من «القاعدة» وأدخلهم العراق. ولم تكن للضاري ميول طائفية، كما زعم خصومه، وقد افتتح نشاطه المعادي للأميركيين في عام 2004 بزيارة لحسن نصر الله زعيم حزب الله. دعمه للمقاومة كان قرارا عاطفيا، فوت على السنة فرصة المشاركة في بناء العراق الجديد، ضيع فرصتهم في إقرار حقوقهم في الدستور، وضيع فرص مشاركتهم السياسية في الانتخابات البرلمانية، حتى تمكن الآخرون من تهميش دورهم، وبناء مؤسسات غير متوازنة تسببت لاحقا في الكثير من الظلم وتركيز الصلاحيات في أيدٍ قليلة، خاصة في سنوات المالكي الأخيرة. ورغم كل ما مر به الشيخ حارث رحمه الله، واتُهم به، فإنه كان من أوائل من رفض وهاجم إعلان إقامة دولة «داعش»، واعتبرها موجهة ضد بلده العراق.
ولو كان هناك وعي بطبيعة التغيير وحتميته، وكانت هناك حكمة عند قيادات السنة، لربما تغير التاريخ بدلا من سنوات الرفض والمقاطعة الفاشلة، فالمصلحة هي في بناء عراق للجميع يقوم على المشاركة بدلا من التنافس العرقي والطائفي.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضاري وسنوات الرفض الضاري وسنوات الرفض



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab