نهاية اليمن الواحد

نهاية اليمن الواحد

نهاية اليمن الواحد

 السعودية اليوم -

نهاية اليمن الواحد

عبد الرحمن الراشد

 هذا الأسبوع ارتفعت وتيرة النشاط الشعبي والسياسي والعسكري، الداعي لانفصال جنوب اليمن عن الجمهورية اليمنية، في مناطق عدن وحضرموت، وصار احتمال عودة الجنوب دولة مستقلة أقرب للواقع من أي وقت مضى.

الوحدة والانفصال مسألتان تهمان الجميع في المنطقة، وتهم أولا الجار الرئيس، القلق جدا، أي المملكة العربية السعودية.

وللتذكير فإنه عندما تمت الوحدة، بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، حدثت بتأييد من الشعبين، لكنها لم تنتج عن نشاط اجتماعي وشعبي عام، بل صارت نتيجة للصراع على الحكم في الجنوب بين القوى الشيوعية، حيث انتهز الفرصة الرئيس السابق علي عبد الله صالح دعوة الجنوبي علي سالم البيض، الذي كاد يخسر الحكم، ووقع الاثنان الاتفاق في عام 1989، وبدلا من تحقيق الوِحدة والحكم المشترك، هيمن صالح لوحده على كل السلطة في البلدين، ولم تحقق الوحدة المنافع الموعودة، بل صارت عبئا على الشمال، وتسببت في إهمال الجنوب وإلغائه، وكان صالح الكاسب الوحيد الذي حكم دولة كبيرة بمفرده.

وقبيل الوحدة، جلست مع وزير الداخلية السعودي الراحل، الأمير نايف بن عبد العزيز، وكان أيضا مسؤولا في اللجنة السعودية - اليمنية المشتركة. وسألته حول ما كان يدعيه إعلام علي صالح أن السعودية تعارض قيام الوحدة، وأنها تمثل خطرا عليها. أعطاني، رحمه الله، تلخيصا مهما حول طبيعة العلاقة، وجذرها التاريخي منذ الخمسينات. وقال، بالنسبة للسعودية، الأفضل هو وجود يمن واحد. فنحن نعاني عندما نتعامل مع حكومتين في عدن وصنعاء، لأن إرضاء حكومة يعني إغضاب الأخرى، خاصة عندما تحدث هناك توترات بين الشطرين، وتتحول إحداهما للتحالف مع خصم للمملكة، ففي إبان الحرب الباردة تحالف الثوار في الشمال مع الناصريين، ولاحقا تحالف الجنوب مع السوفيات. الأسهل علينا، إدارة العلاقة مع بلد موحد بحكومة واحدة، مع المحافظة في نفس الوقت على علاقة طيبة مع القوى الداخلية المختلفة، التي لطالما ارتبطت تاريخيا مع السعودية. في الحقيقة، السعودية، أيضا، عانت سياسيا حتى مع اليمن الموحد لاحقا، لكنها كانت مجرد خلافات فقط. فقد عرف عن الرئيس السابق صالح، الذي حكم اليمن في عهود 3 ملوك سعوديين، حبه للعب أدوار تعظم من مكانته الشخصية، وإن كانت دائما تضر باليمن واليمنيين! فقد انحاز صالح مع صدام حسين حاكم العراق الأسبق، ضد السعودية، عندما احتل الكويت. ثم تحالف مع القطريين عندما اختلفوا لسنوات مع السعودية، كما سمح للعقيد الليبي معمر القذافي بتمويل قبائل يمنية ضد السعودية. وأخيرا، صالِح هو من اخترع الحوثيين، حيث حولهم إلى جماعة دينية وسياسية خطرة، وكانوا أساسا فرعا قبليا. بحجة تعليمهم دينيا، أرسل منهم مجموعة إلى إيران لتجنيدهم للعمل أيضا ضد جارته السعودية، وضد القبائل اليمنية الشمالية المنافسة، حتى يضعها تحت سيطرته، من خلال لعبة توازن متغيرة دائما.

والآن تعيد التطورات الجديدة طرح السؤال الحاسم، ليس على السعوديين، بل أولا على يمنيي الشمال والجنوب: هل الانفصال هو الحل؟

في رأيي الشخصي، انفصال اليمن سيزيد من مشاكل اليمنيين في الشطرين لأنه لا توجد قوى مهيمنة تحسم التنافس وتوقف الاقتتال، ولا يوجد نظام انتخابي حقيقي يحتكم إليه اليمنيون ويمكن المراهنة عليه، وبالتالي فإن الانفصال سيعزز الفوضى في الشطرين.

مع هذا، بات الانفصال أقرب إلى الحدوث نتيجة الانهيار المتسارع في مؤسسة الحكم في شمال اليمن، وكذلك نتيجة الإحباط من الفشل الذي مني به مشروع الوحدة، والذي أدرك اليمنيون أنه كان مجرد مشروع شخصي للرئيس المعزول صالح. الشماليون حاولوا، صادقين، التعويض عن خطايا صالح تجاه أهلهم في الجنوب، حيث أبدوا الكثير من المرونة، وأثبت الكثير منهم حرصهم على الوحدة، بدليل موافقتهم على أن منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يحتلهما الآن جنوبيان، رغم أن الشمال فيه الأغلبية الساحقة من السكان. مع هذا فالقوى السياسية الجنوبية تزايد على بعضها شعبيا، داعية للانفصال، مدركة أن إعلان دولة مستقلة صار الموسيقى المفضلة للجنوبيين، وصارت الوحدة مصطلحا مكروها بسبب عهد صالح، الذي ساوى الجنوب بالشمال، فجلب له المزيد من الفقر والتهميش.

ونتيجة لضعف السلطة المركزية، يعيش الشمال اليوم فراغا سياسيا رهيبا، حيث تتقاتل القوى الرئيسة الثلاث على الحكم؛ أولاها، جماعة المعزول صالح التي لا تزال تنشط في تخريب المشروع السياسي، بإثارة الفتن، وشراء الذمم، من أجل أن تعود للحكم. وهناك تنظيم الحوثيين المرتبط بإيران، الذي استولت ميليشياته على مفاصل الدولة. وثالثها، فريق الدولة، بحكومته التي ترقد على سرير المرض، ولم تعد تملك سوى ورقة الشرعية الدولية، باعتراف مجلس الأمن ودول الخليج العربية.

وفي حال إعلان وفاة الحكومة الحالية، أو وفاتها دون إعلان خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإن ذلك سيعني حتما نهاية اليمن الموحد، وإعلان الجنوبيين دولتهم، ليبدأ اليمن بعدها تاريخا جديدا، والأرجح سيكون الفصل الأول فيه مليئا بالمزيد من التنازع الداخلي، والتدخلات الخارجية، وضحيته دائما يبقى الإنسان اليمني الذي لم يسأله أحد عن رأيه، بعد.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية اليمن الواحد نهاية اليمن الواحد



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab