فشل دي ميستورا

فشل دي ميستورا

فشل دي ميستورا

 السعودية اليوم -

فشل دي ميستورا

عبد الرحمن الراشد

المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ مهمته بخطة مخيبة منذ أربعة أشهر، تقوم على وقف الاقتتال في حلب. ولم يحقق حتى الآن شيئا، رغم أنه قزم طموحاته إلى وقف إطلاق النار في حيين اثنين فقط في المدينة، وحتى هذا الاقتراح لم يجد استجابة ذات قيمة؛ فالرئيس السوري، بشار الأسد، أعطاه موافقة على حي واحد، لا يملك سلطة عليه، أما المعارضة المسلحة فلم ترَ في خرائط المبعوث الدولي مكانا لها.
الوسيط عمل مثل ستارة الدخان؛ ترك للتحالف الدولي أن يقاتل بالنيابة عن النظام في المناطق التي يحتلها تنظيم داعش، وصرف الأنظار عن الهجوم الممنهج اليومي الذي تمارسه قوات الأسد غالبا ضد مناطق مدنية، هدفها كان ولا يزال توسيع المأساة من أجل إجبار ملايين السوريين على الانشغال بالبحث عن طعام ومأوى يوما بيوم. دي ميستورا بدد أربعة أشهر لا يراه السوريون إلا باسما مع الأسد الذي قتل منهم أكثر من ربع مليون إنسان. هكذا ملأ الفراغ الدبلوماسي، كسابقيه، بما يكفي لإلهاء القوى المختلفة، وعشرين مليون سوري، معظمهم بلا مساكن أو موارد.
ما الذي يريد الوسيط الدولي تحقيقه حتى ينجح في مشروعه ويتوقف القتال في الحيين الحلبيين لستة أسابيع؟ ربما، إدخال المواد الغذائية؟ سبق إيصالها في مهمة إنقاذ سابقة دون الحاجة إلى اعتباره الحل السياسي. طبعا، يستطيع دي ميستورا أن يرمي الكرة في ملعبنا، ويسأل: ما الذي يمكنني أن أفعله وأنا لا أملك قوة، ولا تخويلا دوليا بالعقوبات؟
نحن نعرف أن دي ميستورا لا تزيد سلطته عن الممثلة أنجلينا جولي، التي تزور المنطقة في مهام إنسانية تحظى بالاحترام. نعرف أنه لن يستطيع فعل شيء دراماتيكي، مثل تحقيق رغبة الغالبية بالتخلص من الأسد ونظامه، إنما المتوقع منه على الأقل أن يبدأ من حيث انتهى مؤتمر جنيف، الذي يقول بنظام جديد هجين، مكون من نظام الأسد من دون الأسد نفسه، وقوى المعارضة، ومشاركة ممثلين عن مكونات المجتمع السوري بما فيه المكون العلوي. وهو إلى حد ما، كان قريبا مما كان يقوله بعض حلفاء النظام، مثل الروس، الذين كرروا مرات أنهم ليسوا متمسكين بشخص الأسد إذا وُجد حل يقبل به الجميع هناك ويحافظ على الدولة.
معادلة صعبة تستحق أن يقلبها الوسيط بأساليب مختلفة، واتصالات واسعة، ربما يجد المعادلة التي تقنع الأطراف بتنازلات تدريجية وتضيق المسافات. أما أن تمضي أربعة أشهر في سبيل أن يجرب إيقاف الاقتتال في حي أو حيين في مدينة واحدة في بلد كله مشتعل ويتم تدميره يوميا، فهي وساطة تشبه السباحة في المحيط. وأعتقد أنه بخطته تسبب في تشتيت الأفكار السابقة، وطمأن الأسد ونظامه، الذي كان خائفا من التدخل الدولي بحجة محاربة «داعش»، بأن الوسيط والوساطة مثل المكافأة تمنع الضغوط عليه، رغم أن عشرات الدول من أنحاء العالم تجول طائراتها وقواتها على أراضي سوريا. ما فعله دي ميستورا بجولاته منح الأسد ورجاله الثقة في أنهم يستطيعون المضي في قتل المزيد من عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير المدن بالبراميل والصواريخ وميليشيات المرتزقة من إيران ولبنان والعراق. والذي زاد من شك السوريين فيه وغضبهم منه، أنه افتتح مهمته قائلا إن الحل المستقبلي الذي يحمله نظام يعترف فيه بالأسد!! عمليا، بكلامه ألغى دي ميستورا كل الجهد الدولي الضخم السابق، وبيانات جنيف، واصطف إلى جانب إيران. ومع أنه تراجع عن كلامه فإن تصرفاته ورحلاته توحي بأنه مثل وليد المعلم أو فيصل المقداد؛ مجرد موظف آخر في وزارة الخارجية السورية! كمعلقين سكتنا عليه أربعة أشهر، راجين أن يبتدع حلا لكن الوضع بوجوده صار أسوأ، لأنه يكسر آخر ما تبقى للأمم المتحدة من احترام.
وربما بات من الأفضل لدي ميستورا أن يحمل حقيبته ويغادر المنطقة لأنه يَزِيد من غضب الناس وليس من آمالهم.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل دي ميستورا فشل دي ميستورا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab