تونس هل تعلم الإسلاميون الدرس

"تونس" هل تعلم الإسلاميون الدرس؟

"تونس" هل تعلم الإسلاميون الدرس؟

 السعودية اليوم -

تونس هل تعلم الإسلاميون الدرس

عبد الرحمن راشد

كانت الأحداث ستنتهي في تونس إلى أحد طريقين؛ الليبي أو المصري، لولا أن حزب النهضة والجماعات الإسلامية استدركت، ووعت، أن المشاركة السياسية تعني القبول بكل الشروط الديمقراطية، وليس مجرد عد أوراق الاقتراع في الصناديق الانتخابية. وقد عاشت تونس تجربتها الصعبة في المرحلة الانتقالية، ودفعت شخصيات سياسية عظيمة حياتها ثمنا، فقط لأنها انتقدت الجماعات المتطرفة، وبلغت الأمور حدا ينذر بالفوضى والعنف.

لكن للتونسيين تجربة مدنية غنية أنقذتهم، وهي من إرث الراحل الحبيب بورقيبة، الذي بنى ثقافة مدنية تقوم على عدالة القانون والاحترام المتبادل، فكانت هي السد المنيع أمام تيارات فاشية دينية فكرت في الاستيلاء على الحكم من خلال اللعبة الديمقراطية، دون احترام قواعدها، كما فعلت مثيلاتها في مصر، وكما تحارب اليوم الجماعات المتطرفة في ليبيا من أجل الهيمنة على البرلمان والرئاسة بالقوة.

أعتقد أن «النهضة»، وهي الموسومة بأنها أكثر الجماعات الإسلامية اعتدالا وانسجاما مع مفهوم المشاركة، لم تكن بريئة تماما ولا مثالية، بل كان في داخلها من يدفعها لتنحرف نحو الهيمنة والاستيلاء على السلطة، إلا أن في داخلها، أيضا، تيارا مستعدا للمشاركة حقا، باعتماد واجبات الديمقراطية من حريات، ونظم، واحتكام للناخب. وفي داخل «النهضة»، من لا يزال يلبس عمامة أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، الذي يعتقد بوحدانية الحزب، والسلطة المطلقة، والهيمنة على مؤسسات الدولة، وإقصاء الآخرين، أو كما فعل متطرفو الإخوان المسلمين في مصر. هذا التيار لحسن حظ «النهضة» نفسها أنه فشل، واتعظت البقية بما حدث لرفاقها في مصر، الذين خسروا الحكم بعد عام واحد فقط جاءوا عبر صناديق الاقتراع متعجلين الهيمنة الكاملة، وخسر رفاقهم في ليبيا الذين اعتمدوا أسلوب العنف للحكم بالقوة.

أشك كثيرا في قدرة الأحزاب الدينية على الانخراط في العمل السياسي المدني، والأدلة كثيرة على فشلها في إيران، والسودان، وغزة، ومصر، وليبيا، وكلها جاءت باسم الديمقراطيّة، وتحولت إلى ديكتاتورية شرسة، رغم هذا، فإن التجربة التونسية ربما هي المختبر الوحيد الذي يمكن أن تنجح فيه، لأن فيها تيارات معتدلة، ومثقفة سياسيا. أيضا جرب التيار المتطرف حظه وفشل، فقد حاول في الدورة البرلمانية الماضية اعتماد قوانين للتضييق على الحريات، وسلب المرأة حقوقها التي اكتسبتها على مدى نصف قرن مضى، وتغيير الثقافة التونسية المتعددة والمنفتحة، بفرض ثقافة أحادية. وقد فشل المتشددون في معظم مشاريعهم البرلمانية، وعندما جاءت الانتخابات كانت أغلبية الشعب التونسي تقف ضد إدارتهم للدولة.

الساحة التونسية، المتطورة سياسيا، تتيح للجميع التعايش؛ بحيث كل يختار أسلوب حياته دون أن يفرضه على غيره، فإن استطاع أتباع «النهضة» التعايش مع هذا المفهوم، باحترام خيارات الغير، فإنهم يكونون قد نجحوا في الامتحان الديمقراطي، أما إذا استمروا يعتقدون أن الهدف النهائي هو الفوز من أجل السيطرة، فإننا أمام هدنة زمنية إلى أن يحين موعد الانتخابات المقبلة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس هل تعلم الإسلاميون الدرس تونس هل تعلم الإسلاميون الدرس



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab