بقلم - مشعل السديري
أنا من أكثر الناس رفضاً للتعصب بجميع أشكاله، ورفضاً كذلك «للخرافة» – خصوصاً إذا صدرت تلك الخرافة من مسؤول يفترض أن يُسمع كلامه ويقتدي به العامة من الناس.
وذلك مثل ما تفوه به رئيس الدفاع المدني في إيران عندما قال بفمه المليان وبالحرف الواحد: «لا يمكن لوباء مجهول، أن ينال من المدينة المقدسة (قم)» – وهو يقصد وباء «كورونا»، الذي اجتاح قم عن بكرة أبيها وجعلها كالعصف المأكول، وهي من أكثر المدن التي ساهمت في انتشار المرض، الذي ذهب ضحيته الآلاف الذين عششت الخرافة في «نوافيخهم».
وزاد الطين بلّة عضو مجلس خبراء القيادة في إيران هاشم بطحاني، الذي قال بصوته الجهوري: أحسست بأعراض «كورونا»، فما كان مني إلا أن أخذت القليل من تربة الحسين ومسحت بها وجهي، فزالت الأعراض وشفيت. وأردف قائلاً وهو يضحك ويطبطب على كرشه: وها أنذا أمامكم بكامل صحتي.
وحيث إن «كورونا» لا يمزح ولا يلعب، فما هي إلا ثلاثة أيام فقط حتى جندلته – يعني مات - وهذا هو ما يسمى «الجهل القاتل».
***
منذ أيام الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وهناك أشخاص يعتقدون أن نهاية العالم تقترب فيسارعون إلى «التحصن» قبل فوات الأوان، وشراء مواد تساعدهم على البقاء على قيد الحياة لفترات زمنية طويلة.
وفي فترة ما انتشرت عمليات بناء الملاجئ المحصنة ضد حرب نووية، خصوصاً في الولايات المتحدة، وأخيراً ومع بدء تفشي فيروس «كورونا المستجد» تحركت إيجارات تلك الملاجئ التي تعرف بـ«ملاجئ نهاية العالم».
وفي تصريح لصحيفة «ديلي ستار أونلاين» البريطانية قال روبرت فيسينو، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «فيوس»، إن هناك طفرة في إيجارات تلك الملاجئ إثر التهديد الذي يشكله فيروس «كورونا المستجد».
وهناك منها ما لا يقل عن 600 ملجأ، وإيجار الملجأ الواحد في السنة 35 ألف دولار، مع رسم شهري ألف دولار، والمضحك المبكي أنها جميعها استؤجرت، وعندما رأت الشركة هذه الغنيمة التي نزلت عليها من السماء، حتى شمرت عن سواعدها وأخذت تشيّد الآلاف من الملاجئ، ولا شك أن رئيس الشركة يدعو ربه ليل نهار أن يطيل بعمر هذا الوباء اللطيف «اللذيذ».
***
وبدلاً من المصافحة والمعانقة انتشرت هذه الأيام مقولة: «السلام نظر»، وبالأمس ما أن دخلت على ثلاثة من الأصدقاء، حتى شغلوا لي أغنية: سلّم عليّ بطرف عينه وحاجبه، فما كان مني إلا أن أسلّم عليهم بمثل ما أرادوا.