«الصندوق الأسود» ناصع البياض

«الصندوق الأسود»... ناصع البياض

«الصندوق الأسود»... ناصع البياض

 السعودية اليوم -

«الصندوق الأسود» ناصع البياض

بقلم - طارق الشناوي

 

العقد شريعة المتعاقدين، وهكذا يأتي الاتفاق بين برنامج «الصندوق الأسود» وضيوفه الذين يقبلون هذه المقايضة، التي تفرض عليهم إسقاط كل، أو في الحد الأدنى معظم، الخطوط الحمراء.

الإعلامي الكويتي عمار تقي مؤكد لا يجبر أحداً على فتح «صندوقه»، لكنه يمتلك الكثير من المفاتيح الأدبية والمادية، التي تغري ضيوفه بالبوح، بكل ما كانوا حريصين في الماضي على اعتباره خطاً أحمر.

تابعت التصريحات التي أعلنها الدكتور مصطفى الفقي، الذي شغل مواقع متعددة داخل النظام المصري، تتيح له الإلمام بالكواليس (المسكوت عنها)، يكفي أنه كان سكرتير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك للمعلومات، على مدى سبع سنوات من 85 حتى 92، وصاحبت إقصاءه عن المنصب الكثير من الشائعات، تولى هو في أكثر من حوار نفيها.

كل هذه السنوات، في زمن ملبد بضباب الشائعات، داخل الدائرة القريبة من الرجل الأول في صُنع القرار، تمنحه حصيلة خصبة لكي يَحكي، وتمنحنا أيضاً قدراً كبيراً من الاطمئنان لكي نصدق ما يُحكي.

كان دكتور مصطفى الفقي من أوائل الرجال القريبين من السلطة الذين انحازوا لثورة 25 يناير، بمجرد أن بدأت البشائر تؤكد تعاطف الشعب المصري أو تحديداً القسط الكبر منه مع الثورة، مما أغضب قطعاً مبارك، خصوصاً أنه بعد أن غادر موقعه الرسمي (سكرتير الرئيس) ظل قريباً من الدولة.

د. الفقي أخفق في تحقيق حلمين متتاليين؛ الأول أن يصبح وزيراً للخارجية، والثاني أن يعتلي خلفاً لعمرو موسي كرسي أمين عام جامعة الدول العربية، كان يعتقد جازماً أن عمرو موسى لعب دوراً في إقصائه عن المنصبين، إلا أن هذا لا يعني أبداً أن الدولة ناصبته العداء.

وجه مألوف في الفضائيات المصرية والعربية، وبحكم الخبرة يعلم ما يقال وكيف يقال، أقصد بأي مفردات، خصوصاً أننا في زمن «السوشيال ميديا»، التي صارت تلتقط الكلمة من سياقها، وتمنحها ظلالاً متعددة من المعاني، غالباً لم يقصدها صاحبها، إلا أنها من أجل تحقيق «التريند» تفعل ذلك وأكثر.

يظل السؤال هل ما يعلمه الموظف العام بحكم موقعه من معلومات تمنحه الحق المطلق في ذيوعها، سواء مع وجود أو رحيل شهود العيان.

أتصور أنه تجب التفرقة بين الخاص والعام، هناك قضايا عامة، مثلاً اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكل التفاصيل التي توافقت معها من استقالة أكثر من وزير خارجية تصبح في هذه الحالة قضية عامة، ولكن عندما يتبسط مثلاً الرئيس في كلمة أو «مزحة» داخل دائرة محددة، لا يجوز أن يعد ذلك مشاعاً بين الجميع.

توقف كُثر عند تصريح للدكتور الفقي بأن الرئيس جمال عبد الناصر كان يتناول على العشاء كأساً أو اثنتين، وعدّوا ذلك انتقاصاً من حق الزعيم، رغم أن الدكتور الفقي حرص على تهذيب المعنى، ومنحه الصفة العامة، على اعتبار أن أغلب الرؤساء والزعماء يفعلون ذلك لتخفيف ضغوط الحياة.

غضبت دكتورة هدى ابنة الرئيس، واضطر الفقي لتقديم الاعتذار، فأخطأ مجدداً عندما قال إنها مجرد دردشة، وكلنا نعلم أنه كان يعلم أنها ليست أبداً دردشة، بل حوار مسجل من أجل العرض على الناس، أعتقد أن الدكتور الفقي لم يتصور أبداً أن تلك التفصيلة العابرة سوف تؤدي إلى كل ما تابعناه، من مساحات الغضب.

ما قاله عن أشرف مروان أراه أكثر خطورة، عندما عدّه جاسوساً يعمل لحساب إسرائيل ضد مصر، تم تكريم أشرف مروان، وأمر الرئيس الأسبق مبارك بإقامة جنازة عسكرية لوداعه باعتباره رجلاً مصرياً شريفاً رهن حياته من أجل مصر، رواية الفقي تتعارض مع البيان الرسمي للدولة، وتلك قضية شائكة أكثر حساسية من كأس تناولها عبد الناصر، لأنها تمس مباشرة الأمن القومي.

قبل أن يشرع المفكر الكبير دكتور مصطفى الفقي على الملأ في فتح صندوقه الأسود ليجعله ناصع البياض، مع الإعلامي عمار تقي، كان عليه أن يأخذ الحكمة من «أولاد البلد» الذين كثفوا الحكاية في تلك الجملة «إللي يخاف ما يقولش... واللي يقول ما يخفش»، بينما مصطفى الفقي كان خائفاً وهو يقول، ويقول وهو خائف!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الصندوق الأسود» ناصع البياض «الصندوق الأسود» ناصع البياض



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab