بقلم - طارق الشناوي
قبل ساعات، وبعد ساعات أيضًا، سيتكرر أمامك هذا المشهد، ونحن فى بداية 2024، ستستمع إلى صفة الأفضل، ستتكرر كثيرًا أمامك، تابعنا فى العديد من الفضائيات والمواقع وعلى صفحات الجرائد والمجلات استفتاءات لاختيار أفضل الأعمال.
هل صدقتم النتائج؟، ألم تلاحظوا أن الكل صار يحظى بالمركز الأول، ليصبح السؤال المنطقى: مَن إذن الثانى؟.
عادة، ومع نهاية العام، تنشط غُدة الرغبة فى التفوق لدى النجوم، الأمر ليس صعبًا على الإطلاق، الحضور عادة لأى حفل يكفى لتدشين النجم بلقب الأفضل، من خلال (فبركة) استفتاء، تُعلن نتيجته فى غضون ساعات.
دائمًا ما تتكرر تلك الواقعة. إحدى القنوات التليفزيونية أجرت استفتاءً عن أفضل ممثل وممثلة ومخرج، وأيضًا مسلسل وفيلم وأغنية. يبدأ التفاوض مع الفائزين على المجىء للاستديو للتصوير، يطلب بعضهم مقابلًا ماديًّا مُبالغًا فيه، بينما آخرون يعتذرون لارتباطهم بقناة أخرى، تستضيفهم على الهواء وأيضًا تمنحهم الجائزة، وحتى يحفظ القائمون على القناة ماء وجوههم، يتم تغيير النتيجة، وتُمنح الجائزة لكل مَن وافق على الحضور، ويتم على وجه السرعة اختراع جمهور، يسجلون معه، وكأنه صاحب الاختيار.
لو راجعتَ ما نُشر فى الجرائد والملاحق الصحفية الفنية عن الجوائز التى تُمنح للأفضل، لاكتشفت أن كلًّا منها انتهى إلى استفتاء، يتناقض تمامًا مع الآخر. مَن يحصل على (صفر) فى جريدة، ترفعه الأخرى إلى سابع سماء، ومَن وصل إلى المركز الأول فى موقع، نراه وقد أُلقى به فى استفتاء آخر إلى سلة المهملات.
تابِعوا ما سوف يحدث فى الأيام القليلة القادمة، إذا لم يكن قد حدث بعضه بالفعل. عدد من الجمعيات والتجمعات والنقابات والجرائد والمجلات تستضيف نجومًا، كل منهم يحمل شهادة تُثبت أنه الأول، ولأننا كما قال عادل إمام- (دسوقى أفندى، وكيل المحامى)، فى مسرحية (أنا وهو وهى)- تلك العبارة الموحية: (بلد شهادات صحيح)، ولهذا فهم يحملون معهم الشهادات التى تصورها الكاميرا!!.
لا تصدقوا ما يتردد أننا كنا فى الماضى لا نعرف تلك الصراعات، بكل هذا الصخب، حيث يزداد معدل التناحر على رقم واحد (نمبر وان)، لا أقصد فقط محمد رمضان، الذى غنى لنفسه (نمبر وان)، ولكن العديد من النجوم فعلوها بدون حتى غناء، هذه الاستفتاءات (المضروبة) تواجدت فى كل الأزمنة، إلا أن (السوشيال ميديا)، مع مطلع الألفية الثالثة، منحتها كل هذا الشيوع والانتشار.
الجمهور ليس كما يعتقد هؤلاء النجوم، يصدق كل مَن يحمل فى يده جائزة، الناس لديها أيضًا تقييمها، الذى لا يعرف المجاملة ولا الحسابات خارج النص.
ولا ينجو، مع الأسف، من هذا النهم أحد بمَن فيهم من الناجحين. اللهاث وراء الجائزة، مهما كان الثمن، ليس وليد هذا العصر، الذى نصفه عادة بالقبيح، على أساس أن الماضى هو فقط الذى يصح أن نُتوجه بالجميل. الحياة والوسط الفنى فى كل العهود هما مزيج من هذا وذاك. كم شاهدت فى الكواليس من كوابيس، أبطالها نجوم ونجمات كبار، سرقوا الجائزة أكثر من مرة، وفى اللحظات الأخيرة، وهذا حدث مع سعاد حسنى
وميرفت أمين، كان يتم إعلانهما بالجائزة، ثم يتم تغييرها لصالح نجمة أخرى، عرفت المفتاح!!.
مَن تصدق، الجائزة التى يحملها الفنان ويرفعها للسماء مؤكدًا جدارته بها، أم أنك تراجع أولًا العمل الفنى؟، الكرة الآن فى ملعبك عزيزى القارئ، ولديك أنت (ترمومتر) للتقييم مستحيل خداعه، فهو يسكن فى قلبك، استفتتِ قلبك!!.