2024 إنتروبية عالمية في الطريق

2024... إنتروبية عالمية في الطريق

2024... إنتروبية عالمية في الطريق

 السعودية اليوم -

2024 إنتروبية عالمية في الطريق

بقلم - إميل أمين

على بعد ساعات قلائل، سوف يغيب عام آخر، وتهل علينا سنة جديدة، حيث المنظرون يتساءلون ترى ماذا سيكون من شأنها، وكأنها منبتة الصلة عن سابقتها. يبدو من البدهي القول؛ إن الزمن مسار تشتد الحركة عليه أو تهدأ، يتسارع إيقاعه أو يبطئ، لكنه تيار متصل متدفق، وهو غير قابل بالطبيعة لأن ينقطع . يعنّ لنا التساؤل: «من أي منظور ينبغي لنا أن نتطلع للعام الجديد، وكيفية قراءة أوضاعه المقبلة؟ حكماً لا بد من الاستعانة في النظر إلى أمور العالم الآنية بالمنظور الجيوسياسي الواقعي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مواكبة العصر هي الخطوة الأكثر تحدياً في فن الحكم، والعهدة على فيلسوف الدولة الفلورنسي الأشهر في زمن آل ميدتشي، نيكولا ميكيافيللي.

يقطع هذا المنظور بأن عالمنا المعاصر بات مولجاً في الزمن «الإنتروبي»، وربما منذ بدايات القرن الواحد والعشرين، فيما تردت أحواله على مشارف نهاية الربع الأول منه.

الإنتروبية باختصار غير مخلٍ، وكما يعرفها علماء الفيزياء والكيمياء، لفظة مأخوذة من الأصل اليوناني الذي يعني «التحولات العميقة»، غير أنه يلفت في ذات الوقت إلى مقدار الاضطراب في النظام، أو حالة الفوضى والعشوائية التي غالباً ما تحدث داخل الذرة.

من الإنتروبية، ينتقل عالمنا إلى الـChaos، وأقرب ترجمة لها من اللاتينية الكلاسيكية: «غياب روح النظام والعشوائية»، مع احتمالات تصاعد المواجهات، وقرب حدوث الصدامات، من المحلي إلى الإقليمي، ومنهما إلى المستوى الكوني. لا يحتاج المرء لكثير من الخبرة في عالم التنظير السياسي، ليدرك أحوال العالم، خصوصاً إذا أمعنا النظر من منطلق جغرافي قاري.

لتكن البداية من عند الولايات المتحدة، مالئة الدنيا وشاغلة الناس، حيث تشهد أعلى ذروة للصراع المجتمعي الداخلي، الأمر الذي يدفع بأحد أساطين المحافظين الجدد، روبرت كاغان، لأن يتوقع ما يقارب الحرب الأهلية على مشارف انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

روح أميركا المنقسة في داخلها، من دون شك، ستؤثر على مساقات ومسارات الأحداث حول العالم، إذ لا تزال صمام أمان لكثيرين، رغم عدم الاتفاق مع غالبية توجهاتها، وقد لفتنا الانتباه في المقال السابق عن إغراقها في العسكرة، كطريق للهروب من مستقبل ينتظر إمبراطوريتها، مع مديونيتها الفائقة الوصف.

الحديث عن الولايات المتحدة ومستقبلها في عام جديد يعني بالضرورة الكلام عن الاقتصاد العالمي، فهي لا تزال محركاً رئيسياً، ومع تصاعد ديونها، ومخاوف من انهيار اقتصادي جديد، يضع العالم أياديه على قلبه، خوفاً من تكرار كارثة عام 2008 المالية، وربما ما يفوقها، مقترباً من أحوال الأزمة المالية العالمية أوائل ثلاثينات القرن الماضي.

سيحل العام الجديد، وواشنطن غير قادرة على إنهاء الأزمة الأوكرانية و«كسر شوكة القيصر»، رغم المليارات التي تدفقت على زيلينسكي، خصوصاً في ضوء حالة التململ من مزيد من الدعم المالي والعسكري، وتصريحات وزير الخارجية بلينكن تشي بذلك وأكثر.

هل انتصر بوتين؟ يبدو كذلك، رغم الإصابات العميقة في الجسد الروسي، التي يهول من شأنها الإعلام الغربي، في حين يقول الرواة إن «الروس السلافيين» يمارسون حالة من «عودة الروح»، وإن اعتاشوا على «الخبز والملح»، فقط لا غير.

أحد الأسئلة المهمة لروسيا في الأشهر المقبلة؛ هل سيترشح فلاديمير بوتين من جديد لرئاسة روسيا، أم سيترك مقعده لخليفة يختاره بنفسه، ويمارس دوراً من وراء الستار بموافقة ضمنية من جماعة السيلوفيكي؟ وقد يغيب... لا أحد يدري ما يعزز فعل الإنتروبية المشار إليه في العنوان.

على الحدود من روسيا، تبقى نقطة مفصلية كونية في العام، وربما الأعوام والعقود المقبلة، إنها الصين بإرثها الثقافي العميق، وقدراتها الاقتصادية المأمولة، ومخططاتها الاستراتيجية التي لا تخفى عن أحد. هل ستكون السنة الجديدة سنة استعلانات لتأكيد قطبية الصين المقبلة؟ لا شك أن هناك عثرات كبرى في الطريق، خصوصاً بعد تراجع بعض الدول عن الشراكة في مشروعها الأعظم «الحزام والطريق»، كما حدث مع إيطاليا، التي اعتبرها الأوربيون منذ بضعة أعوام «كعب أخيل» للصين، في الجسد الأوروبي. لا يمكن للمرء أن ينسى أوروبا، قارة التنوير والنهضة الإنسانية، وما يعتريها من أمراض «شيخوخة الحضارات»، إن جاز التعبير، إذ يبدو حاضرها قلقاً، ومستقبلها أرقاً، وعلى غير المصدق أن ينظر إلى تصريحات السيد بوريل الأخيرة التي يعبر فيها عن مخاوفه العميقة من انتصار بوتين على أوكرانيا.

أوروبا في حقيقة الأمر تواجه فيروساً داخلياً أشد فتكاً من صواريخ بوتين الفرط صوتية، فيروساً يتمثل في الصعود السريع إلى حد الكارثي للتيارات اليمينية الشوفينية، ذات اللمسات العنصرية، التي ستوجد دون شك ردات فعل لأصوليات أخرى في بقاع عالمية وجغرافية قريبة، ولا سيما الشرق الأوسط.

يرحل عام والكوكب الأزرق يئن تحت ضربات صادمة من الطبيعة الغاضبة، والجميع يتساءل؛ هل سيتم الالتزام الأدبي والأخلاقي باستنقاذ الكرة الأرضية، أم أن النرجسية غير المستنيرة، وبراغماتية العتم، سيقودان الجميع إلى التهلكة؟

من دون شك، لا يمكننا مراجعة حال عام، واستشراف آخر مقبل من خلال بضعة سطور، غير أنه في كل الأحوال، يبقى 2024 موعداً مع الأقدار، والأقدار التاريخية للشعوب ليست تقلبات مزاج يرضى ويغضب بالهوى، وإنما الأقدار التاريخية للشعوب هي نتائج مباشرة للجغرافيا والتاريخ، وما يصنعه الاثنان بمنطقة معينة من العالم، أو بالعالم برمته، من صلات وتفاعلات، ضرورات أمن، وكذا مقتضيات مصلحة.

مستقبلنا ومصير كوكبنا في خطر، استطاع الإنسان أن يطلق دورة موت وأهوال، وفشل في وضع حد لها... إنها الإنتروبية في صورتها المفزعة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2024 إنتروبية عالمية في الطريق 2024 إنتروبية عالمية في الطريق



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab