حاضر الحرب ومستقبل السلام

حاضر الحرب ومستقبل السلام

حاضر الحرب ومستقبل السلام

 السعودية اليوم -

حاضر الحرب ومستقبل السلام

بقلم - إميل أمين

قد تبدو كلمة السلام وسط قعقعة السلاح في الشرق الأوسط، كلمة في غير محلها، ولا توقيتها، وخاصة في ظل الموت الدائر في غزة وما حولها، والمرشح للتفشي كالوباء الفتاك، في حال اتسعت رقعة القتال، وهو أمر وارد مع الأسف الشديد.

لكن الحقائق التاريخية تعلّمنا أن غالبية أزمنة السلم إن لم يكن معظمها، إنما جاءت في أعقاب مواجهات عسكرية ضارية، تعاملت فيها الأطراف المختلفة بالنار والبارود، كأدوات دبلوماسية، قبل الجلوس على مائدة المفاوضات.

غير أن مشهد الشرق الأوسط حكماً مختلف، ولا سيما أن هناك أطرافاً عربية مختلفة قطعت أشواطاً واسعة في الحفاظ على السلام مع إسرائيل، واليوم يبدو مستقبل العيش المشترك في الشرق الأوسط مهدداً بصورة غير مسبوقة، ولا نغالي إن قلنا إنها لحظات مفصلية، إما أن يتم فيها تحكيم العقل من جانب إسرائيل وداعميها من المعسكر الغربي، ويتم إنقاذ فرص السلام وإتاحة المجال للأجيال القادمة من الجانبين لأن تعيش في أمن وأمان، كما بقية الشعوب السوية، وإما أن يُعلن «مارس» إله الحرب سيداً على المنطقة لأجل غير مسمى.

الذين تابعوا «قمة القاهرة للسلام 2023»، التي عقدت السبت الماضي في العاصمة المصرية، أدركوا قدر اهتمام مصر قيادة وشعباً بمسيرة السلم، ومحاولة تجنب صراع كارثي سيتجاوز حكماً غزة بمراحل.

طوال 4 عقود ونصف عقد، حافظت مصر وإسرائيل على درجة كافية من السلام، حتى لو كان بارداً على صعيد الشعبين، لكن على الأقل، تم تجنب الصراع العسكري لمدة 44 سنة، ما يعني أن اتفاقية كامب ديفيد قد نجحت بالفعل في استنقاذ أجيال من وهدة الصراع، وجريان الدم.

هل بعض من العرب أصحاب الفرص الضائعة؟

يخشى المرء أن يكون الأمر كذلك، فقد كانت القاعدة المتفق عليها للتسوية في اتفاق كامب ديفيد، الوصول إلى تسوية سلمية للنزاع بين إسرائيل وجيرانها، وليس بينها وبين مصر فحسب، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242 ورقم 338.

أثبتت الأيام كم أن الرئيس الراحل أنور السادات كان حكيماً إلى أبعد حد، والمفارقة أن مؤيديه وداعميه في الداخل الإسرائيلي تجاوزوا رغبته في السلام إلى التطبيع الكامل، فقد كرهوا الحروب، فيما كان المعسكر الفلسطيني يوجه له وللمصريين اتهامات العمالة والخيانة.

في النصف الأول من تسعينيات القرن المنصرم، جرت مياه السلام بين إسرائيل والأردن، ثم طفت على السطح اتفاقية أوسلو، وخيل للجميع أن مسيرة السلام ماضية قدماً، وما من شيء قد يوقفها.

حديثاً وفي أواخر 2020 انضمت دولة الإمارات العربية إلى ركب الدول الساعية للسلام مع إسرائيل، ومعها البحرين، وبدا أن هناك تياراً سلمياً جديداً يشق طريقه نحو السلام، بينما كانت دول أخرى مثل المغرب تعمق هذا السلام، والسودان يسعى في الطريق عينها.

أما المملكة العربية السعودية، فبوزنها الجغرافي والديموغرافي، فقد كانت قريبة من تقويم شكل السلام الشامل، وهدفه الرئيسي هو خدمة القضية الفلسطينية، والحفاظ على ثوابتها الشرعية، وفي المقدمة حل الدولتين، وأن يكون القدس الشريف عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.

هل كان هناك من له مصلحة ما في إيقاف مسارات السلام في المنطقة، والعودة من جديد إلى واقع الصراعات والحروب والموت الزاحف والغضب الساطع دفعة واحدة؟

قطعاً ما حدث نهار 7 أكتوبر (تشرين الأول) لم يكن «مفاجأة قدرية»، بل «ترتيبات موضوعية» من أطراف إقليمية رأت أن السلم لا يخدم حضورها، كما اعتبرت أن زمناً جديداً من المصالحات العربية – الإسرائيلية لن يعود عليها بالخير.

ومن غير غمز ولمز، خصوصاً في ضوء التوترات المخيفة الحاصلة، وتبعاتها التي ستظهر قريباً جداً، نقول، نعم إيران على سبيل المثال مرشحة لأن تكون هي الدولة التي وضعت العصا في دواليب مراحل السلام الشامل، والأمر هنا ليس من قبيل فكر المؤامرة، وإنما من باب «ابحث عن المستفيد»، كما تقول القاعدة اللاتينية في الاستراتيجيات العسكرية.

هل هناك أطراف وأطياف داخل إسرائيل تشبه تصرفاتهم وتفكيرهم ما يقوم به الملالي؟

غالب الظن أن الأمر بالفعل يجري على هذا النحو، خصوصاً لدى الجماعات المغرقة في هويتها الدينية اليهودية، التي لا تختلف كثيراً في حالها ومآلها عن الملالي الذين يسلمون زمام مستقبلهم للغيبيات.

هل ستكون أزمة غزة نهاية لزمن السلام الشامل المنشود، وبداية لمواجهات عسكرية دموية جديدة؟

في القاهرة بدا واضحاً أن العالم العربي لا يزال راغباً في إكمال مسيرة بناء ونماء من خلال إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يعزز من فرص السلام.

فيما الأطراف الغربية التي شاركت في أعمال القمة، مالت لتعزيز رغبة إسرائيل في الحلول العسكرية، ما يعني أن نافذة السلام ستضيق يوماً تلو آخر.

وسط الحرب الحاضرة، تبقى مآلات السلام في الملعب الإسرائيلي، عبر ما ستنحو إليه في غزة أو خارجها، والتساؤل الجوهري: هل «هي راغبة في سلام حقيقي مع العرب»، أم أنها تفضل العيش من جديد «داخل الغيتو» و«على حد السيف»، لتبقى معزولة ومنبوذة، وهو ما يهددها من الداخل قبل الخارج؟

إلى قراءة لاحقة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاضر الحرب ومستقبل السلام حاضر الحرب ومستقبل السلام



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab