الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي

الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي

الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي

 السعودية اليوم -

الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي

بقلم - إميل أمين

 

انطلقت أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين في نيويورك، وعلى الموائد قضايا شائكة وملتهبة، من حرب لا تتوقف بين روسيا وأوكرانيا، وأخرى قد تنطلق، ما بين بحر الصين الجنوبي وجزيرة تايوان، ناهيك بملفات اقتصادية مقلقة للعالم، تدور غالبيتها بين أزمات الديون العالمية، وارتفاع نسب التضخم، أما حال الطبيعة فحدِّث عنها ولا حرج.

غير أنه وقبل ساعات من اجتماع رؤساء وزعماء العالم في المبنى الزجاجي، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تقريراً عن حالة الأمن الغذائي في العالم.

يتحتم علينا التذكير بأن الهيئة الأممية كانت قد حددت عام 2030 موعداً للقضاء على الجوع حول العالم، غير أن الحقيقة التي تتجلى من حولنا اليوم، تشير إلى أن العالم لم يشهد تحسناً يُذكر في معظم الأهداف المتعلقة بالأغذية والزراعة، وذلك مع انتصاف الموعد النهائي المحدد لتحقيق خطة التنمية المستدامة.

تبدو أرقام التقرير مفزعة، بل كارثية، فقد ارتفع عدد الذين يعانون الجوع بصورة معتدلة أو شديدة في أرجاء العالم بنحو 745 مليوناً عن إجمالي عدد الجياع في 2015.

عطفاً على ذلك، فإن نحو 29.6 في المائة من سكان العالم، أي ما يعادل 2.4 مليار شخص، عانوا انعدام الأمن الغذائي بصورة أو أخرى في عام 2022.

ولعله من نافلة القول أن يشير التقرير إلى أحوال دول جنوب العالم، التي تعاني أعلى معدل لنقص الأغذية، مع ارتفاع معدلات الجوع بشكل أكبر في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.

ويخطر لنا التساؤل: ألا يعدّ الجوع عاراً على عالمنا المعاصر، الذي فيه ترصد الدول المليارات للتسلح بأدوات الموت، وتبخل بالقليل الذي يمكنه أن ينقذ ملايين البشر من هذا التداعي الإنساني المؤلم والمخيف؟

عرف العالم طريقه لمصطلح الأمن الغذائي عام 1974، وذلك خلال المؤتمر العالمي للغذاء الذي رعته الأمم المتحدة في مقرها في نيويورك، والتعبير يعني توافر وتعزيز إمدادات الغذاء الكافي في كل الأوقات لجميع ساكني الكرة الأرضية.

غير أن الكثير من العوامل البشرية، ومن دون إلقاء العبء بصورة مطلقة على قصة التغيرات المناخية، كانت ولا تزال تمثل سبباً رئيسياً في شيوع وذيوع الجوع، واضمحلال معالم الأمن الغذائي عالمياً.

حكماً يقف وراء ظاهرة انعدام الأمن الغذائي حول العالم، منظومة رأسمالية جشعة، مغرقةً كل الإغراق في أنانيتها، ولعل أفضل مَن تحدث عنها، وفضح ملامحها ومعالمها الشريرة، جان زيغلر الرجل الذي شغل ذات نهار منصب مقرر الأمم المتحدة الخاص للحق في الغذاء، وعنده أن أخطر مسببات الجوع حول العالم، هو استخدام الغذاء من أجل إنتاج الوقود الحيوي للسيارات، وقد وصف الأمر بأنه جريمة ضد الإنسانية، ذلك أنه من أجل أن يملأ أثرياء القرن خزانات سياراتهم الفارهة بالبنزين من نوع الإيثانول، يتحتم على الشعوب الفقيرة، وبخاصة شعوب نصف الكرة الجنوبي، وبقية شعوب العالم الثالث، أن تموت جوعاً.

ليست التغيرات المناخية إذن هي السبب كما يحاول البعض تصوير المشهد، إذ تبقى المعضلة أخلاقية أكثر منها إيكولوجية، لا سيما بعد أن بات إطعام الأثرياء طريقاً لتجويع الفقراء، على حد تعبير الكاتب البريطاني باتريك سيل، في مقال له حمل عنوان «العالم مهدد بخطر المجاعة».

يذهب البروفسور راي بوش، أستاذ الدراسات الأفريقية وسياسات التنمية بجامعة «ليدز» بهولندا، في كتابه «هل الليبرالية الجديدة وراء فقر فقراء العالم؟»، إلى أن أكبر إهانة في القرن الحادي والعشرين، هي وجود أناس يموتون من الجوع، وفي جنوب الكرة الأرضية يوجد الملايين الذين يعانون سوء التغذية.

هل سيحرّك تقرير «فاو» الأخير قادة العالم، لا سيما الدول الكبرى، لمد يد العون بحفنة من الغذاء للجوعى والبؤساء من أصقاع الأرض؟

غالب الظن أن هؤلاء، وفي ظل نظام رأسمالي عالمي مجحف، قد باتوا أسرى لكارتيلات الغذاء والحبوب والمضاربين في البورصات العالمية، أولئك الذين يستغلون الوضع الناشئ عن تعقد أزمات العالم المالية، من أجل مضاعفة أرباحهم، ولتغذية التضخم وزيادة الأسعار، وذلك من دون أن يجني الفلاحون أي ربح.

الأمر الآخر الذي لا يُشعر المرء بالاطمئنان، ويسهم بشكل سلبي في زيادة معدلات انعدام الأمن الغذائي، حالياً ومستقبلاً، هو تحول المواد الغذائية إلى نوع من أنواع الأسلحة المعتمدة في الحروب، وأسوأ مثال على ذلك، ما نراه الآن حادثاً من الجانب الروسي، الذي يمنع أوكرانيا من تصدير حبوبها لبقية أرجاء العالم، باعتبار أن ذلك سيوفر لكييف مصادر مالية، تمكّنها من الاستمرار في الحرب، أما عن الأبدان الجائعة والنفوس المعذبة حول العالم فلا تسأل.

توضح لنا أزمة الأمن الغذائي أول الأمر، الحاجة الماسة لتوفير طرق بديلة لسلاسل الإمداد، وحتى لا تتكرر الأزمة التي عاشتها البشرية وقت انتشار فيروس «كوفيد - 19».

أما الأهم فهو أن يتمتع القائمون على شؤون العالم بضمير يقظ حي، ينظر للبشر بعين المساواة، من دون إقصاء أو استعلاء، ومن غير اللجوء إلى سياسات التكبر والتجبر لصالح بشر بعينهم، والحكم بفناء بقية شعوب العالم.

وغالب الظن أن العالم في حاجة إلى نظام اقتصادي عالمي جديد، مغاير لـ«بريتون وودز»، تتمكن من خلاله جميع الأمم والشعوب من التنمية والبناء على قدم المساواة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي الأمم المتحدة والأمن الغذائي العالمي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab