أرامكو والجاني الغامض المعروف

أرامكو... والجاني الغامض المعروف

أرامكو... والجاني الغامض المعروف

 السعودية اليوم -

أرامكو والجاني الغامض المعروف

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل الاعتداء الذي جرى على المنشآت النفطية السعودية لـ«أرامكو» التي تمثل عصب الصناعة النفطية للمملكة العربية السعودية، في 14 سبتمبر (أيلول) الماضي، في حاجة إلى تأكيدات على من يقف وراءه؟!
الجواب يسير للغاية، وقد حددته منذ زمن بعيد تساؤلات القانونيين في الإمبراطورية الرومانية حين طرحوا السؤال الأشهر CUI PRODEST أي تساءل عن المستفيد؟ وبالنظر إلى الخريطة الجغرافية والديموغرافية في منطقة الخليج، يمكن القطع مرة وإلى الأبد بأن الأيدي الإيرانية هي من تقف وراء هذا العمل، إن كان عبر الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، أو الطائرات المسيّرة التي تحمل الموت جواً.
الجريمة لا تفيد، والجاني لا بد أن تنكشف آثار قدميه يوماً بعينه، وما يقال همساً داخل غرف المجمع الواقع في جنوب طهران؛ حيث مقر إقامة مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، سوف يستعلن على أطراف وكالات الأنباء، كما جرى مع «رويترز» قبل ساعات قليلة، والتي أشارت في تقرير خطير ومثير لها أن تشابهاً بين حطام الطائرات المسيّرة المستخدمة في الهجوم الغادر، وطائرة من إنتاج إيران، أوضح أن استهداف منشأتي أرامكو جاء من الشمال.
ولا يتسع المسطح المتاح للكتابة لسرد وعرض التقرير المليء بالأدلة، وليس القرائن، التي تجزم بأن الملالي هم من فعلها عبر قاعدة الأهواز الإيرانية، والقارئ يمكنه أن يجد التفاصيل منشورة عبر مصادر الإعلام، إلا أن ما تتوجب مناقشته بعد قراءة رصينة وتفكير عميق لمعطيات التقرير هو الأبعاد الخفية لهذا العمل الذي يتجاوز دائرة الإعلام والأنباء إلى مناطق المعلومات والاستنتاجات الاستخبارية.
ما جاء في التقرير هو خلاصة تسريبات واضحة للغاية من مسؤولين أميركيين على مستوى رفيع من الوصول إلى المعلومات، وهنا فإننا أمام سؤال جوهري؛ من أين تحصّل الجانب الأميركي على تلك الخيوط، وكيف أمسكوا بخيوط عملية «إشهار السيوف الإيرانية»، كما قال قائد العملية التي أشرفت على تنفيذ هجوم أرامكو، وهو خامنئي بنفسه؟
في حقيقة الأمر، نحن أمام سيناريو من اثنين؛ الأول هو أن هناك اختراقاً استخباراتياً بشرياً داخل دائرة صنع القرار الإيراني العليا كان حاضراً خلال عملية التحضير، التي روعي فيها إحداث أكبر إصابات اقتصادية في المنشأة السعودية، ومن دون الاقتراب من أي أهداف أميركية، تجنباً لردّات فعل من إدارة ترمب، قد ترقى أو تتجاوز مستوى الانتقام، الذي دفعت البحرية الإيرانية ثمنه عام 1988 خلال عملية «براينج مانتيس»، التي أرغمت الخميني على شرب كأس السم وإعلان قبول وقف إطلاق النار مع العراق.
أما السيناريو الثاني فموصول باختراق سيبراني أميركي عالي المستوى، وهو ما يمكن أن ترجحه اعترافات إيرانية رسمية في الأسبوعين الماضيين، بتعرض منشآت إيرانية، وبنى تحتية، إلى هجمات سيبرانية، ومن الطبيعي أن يعلن الجانب الإيراني أنها فشلت في تحقيق أغراضها، غير أن تقرير وكالة «رويترز» الذي يكاد يرسم سيناريو بالصوت الصورة لما دار داخل غرفة المجمع المشار إليه، يقطع بأن تلك العمليات الإلكترونية قد أصابت قلب إيران التكنولوجي، وربما من قبله البشري، ومن الجائز جداً الاثنين معاً.
الشر الإيراني المجاني بحسب التقرير الذي بين أيدينا ربما لم يكن متطلعاً أول الأمر لمنشأة أرامكو، بل لأحد المرافئ البحرية السعودية، الأمر الذي عدلت عنه خلية العملية لاحقاً خوفاً من خسائر بشرية يمكن أن تؤدي إلى إثارة غضب العالم برمته بشكل عام، وانتقام أميركي سريع ورادع بشكل خاص.
كان من الواضح أن الجاني الغامض المعروف، إن جاز القول، لديه أهداف مرتبة ترتيباً خبيثاً؛ فهو يود أول الأمر إظهار ذراعه الطويلة والقوية في منطقة الخليج، وتأكيد هيمنته عبر الصواريخ والطائرات المسيّرة، وثانياً إصابة الاقتصاد العالمي في مقتل عبر تعطيل عملية تصدير النفط الخام، وثالثاً وهو ربما الأهم في القصة، بعث رسالة للعم سام بأن منشآت حلفائه الموثوقين والتاريخيين ستضحى في خطر حال تعرضت إيران لهجمات إيرانية.
ما أماطت عنه «رويترز» النقاب، ليس تغطية إعلامية اعتيادية، إذ يكاد يكون هناك شك لجهة وجود تسجيلات صوتية لدى الجانب الأميركي، فيها يعطي أحد كبار قادة «الحرس الثوري» الإيراني التعليمات لمرؤوسيه بالقول: «ابدأوا التخطيط للهجوم التالي»، وذلك بعد أن رصدت الأذان المرهفة، بشرية كانت أم سيبرانية، حالة البهجة والسعادة التي انتابت الحضور بعد الهجوم الآثم.
ما جاء في تقرير «رويترز» شكلاً وموضوعاً ومساحة إجمالية، يؤكد بالدليل القاطع صدق كل ما أشارت إليه الرياض منذ اللحظات الأولى، وأكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في خطاب أخير له، أن الجاني معروف للعوام والخواص، وأن المملكة اتبعت أعلى درجة من المساقات الدبلوماسية والأممية في التحقيق، ومن أسف أن كثيرين راوغوا طوال الأشهر الماضية، مع أن الشمس لا تحتاج إلى دليل لإثبات وجودها.
جزئية أخيرة قبل الانصراف في شكل علامة استفهام... لماذا تم الكشف عن هذا التقرير في يوم توجيه مجلس النواب الأميركي اتهامات للرئيس ترمب، تسعى في طريق عزله من موقعه رئيساً للبلاد؟!
شيء مثير للتفكر، وربما يقودنا إلى مسألة قيام رؤساء أميركا في مثل تلك الظروف الضاغطة بعمليات خارجية تخفف من عبء الضغوط الداخلية عليهم، ولا سيما إذا كانت مبررة وحقيقية، الأمر الذي فعله بيل كلينتون عام 1998 حين قصف بعض المواقع العراقية غداة «مونيكا غيت».
هل سنشهد قريباً تسريبات جديدة كتموضع استخباراتي في ثياب تقارير إعلامية، تقود بالضرورة إلى عملية انتقائية ضد إيران؟
في ظل حالة السيولة الجيوستراتيجية العالمية الحالية، والأزمة الأميركية الرئاسية، تبقى السيناريوهات كافة ورادة.

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرامكو والجاني الغامض المعروف أرامكو والجاني الغامض المعروف



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab