بقلم - عماد الدين حسين
فى الثامنة والنصف من صباح أمس الأول الثلاثاء ركبت طائرة عسكرية من مطار ألماظة العسكرى، وبعد أقل من ساعة هبطت الطائرة فى مطار العريش بمحافظة شمال سيناء. كانت هناك طائرة أخرى والعديد من الحافلات التى نقلت وفدا كبيرا بصحبة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وبعض الوزراء وصحفيين وإعلاميين ونواب وفنانين كبار للإعلان عن تدشين المرحلة الثانية من خطة تنمية سيناء.
تحركنا من مطار العريش باتجاه المدينة، والملاحظة الأولى أن هناك ورشة عمل وإعمار كبرى فى هذا المطار، وحينما يكتمل سيكون واحدا من أهم وأكبر المطارات فى مصر والمنطقة.
المطار المدنى جارٍ تطويره بصورة ملحوظة، وهناك مطار عسكرى مجاور، هو الذى يستقبل الآن الرحلات المختلفة، خصوصا تلك التى تحمل المساعدات الإنسانية لسكان غزة الذين يتعرضون لجريمة إبادة جماعية غير مسبوقة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلى، منذ ظهر يوم السابع من أكتوبر الماضى، عقب عملية طوفان الأقصى فى صبيحة اليوم نفسه.
المسافة من مطار العريش وحتى معبر رفح البرى على الحدود مع قطاع غزة نحو ٤٥ كيلومترا، ويمر خلالها من مدينة الشيخ زويد التى تبعد عن المعبر بنحو ٧ كيلومترات.
من نوافذ الأتوبيس الذى ركبناه نحن مجموعة الكتاب والصحفيين والإعلاميين والنواب، كان يمكن ملاحظة عملية العمران والتنمية فى مختلف مناطق شمال سيناء.
هناك طرق كثيرة يجرى تجهيزها ورصفها وأخرى جارٍ العمل فيها. وهناك محطات كهرباء ومحطات تحلية مياه وميناء بحرى عملاق وكل ما يندرج تحت بند البنية التحتية.
وصلنا إلى مقر الكتيبة ١٠١ المسئولة عن تأمين المنطقة وبجوارها العديد من المؤسسات والجهات الحكومية خصوصا المحافظة وبعض المديريات والبنوك، إضافة إلى قيادة تأمين سيناء.
فى المؤتمر الموسع بمقر الكتيبة ١٠١ تحدث الدكتور مصطفى مدبولى معلنا إطلاق المرحلة الثانية من عملية تنمية سيناء، شارحا بالتفصيل كل ما بنته الدولة من عام ٢٠١٤ وحتى الآن، وما تنوى أن تنفذه فى المرحلة الثانية فى السنوات القليلة المقبلة وأن الاستثمارات الجديدة ستصل إلى 400 مليار جنيه. لكن التصريح الأهم الذى أطلقه مدبولى فى هذا المؤتمر هو أن مصر مستعدة أن تدافع عن كل حبة رمل فى سيناء، ولو أدى ذلك بالتضحية بملايين الأرواح.
فى هذا المؤتمر كان هناك العديد من القضايا المهمة، سأعود إليها لاحقا، إن شاء الله، ومنها الانتصار الفعلى على الإرهاب، والعلاقة بين التنمية الفعلية ومحاربة الإرهاب والتصدى لمخططات إسرائيل التى صارت علنية.
تحركنا من الكتيبة ١٠١ إلى قرية الجورة، وحيث التقى رئيس الوزراء بأعيان المنطقة، فى زاوية الشيخ خلف الصوفية، بإشراف مجلس اتحاد شباب قبائل أبناء سيناء وبحضور المهندس ابراهيم العرجانى. وقيلت كلمات عاطفية كثيرة خصوصا من الشيخ عرفات خضر ومحافظ شمال سيناء اللواء محمد عبدالفضيل شوشة.
أحد أعيان سيناء تحدث معى مطولا، بقوله إن الوفد الزائر هو الأكبر على الإطلاق منذ عام ٢٠١٣. قبل ذلك كان يأتى وزير أو وزيران لمهمة محددة ويغادرون، لكن هذه المرة جاء وفد موسع يضم فئات كثيرة من الشعب المصرى.
الشيخ عرفات خضر قال: نحن مصريون وبلدنا مصر وانتماؤنا وولاؤنا لمصر، مذكرا بمحاولات الاحتلال البريطانى عام ١٩١٦ والاحتلال الإسرائيلى عام ١٩٦٨ سلخ سيناء عن مصر وفشلهما الذريع بسبب ولاء وانتماء أبناء سيناء.
غادرنا الجورة متجهين إلى معبر رفح وفى الطريق رأينا عشرات الأتوبيسات والسيارات تحمل شبابا يحملون أعلام مصر. والبعض وضع علم فلسطين على سيارته وكتب: «إذا كنت لا تستطيع رفع الظلم فأخبر الجميع عنه».
وصلنا إلى المعبر وتحدث مدبولى مرة ثالثة مؤكدا دعم مصر للشعب الفلسطينى فى غزة ورفض تصفية القضية الفلسطينية وإن مصر ماضية فى تعمير وتنمية سيناء لأبنائها المصريين.
كما تحدث ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات بأن مصر لن تكون وطنا مصطنعا لأحد، ولن تقبل أى ترحيل أو تهجير لأى شقيق فلسطينى إلى داخل الأراضى المصرية.
رأينا الشاحنات تصطف على جانب الطريق حاملة المواد الإغاثية، فى حين كانت الأخبار تحمل لنا أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب مجزرة جديدة فى مخيم جباليا راح ضحيتها 400 شهيد وجريح.
عدنا إلى مطار العريش مرورا بالشيخ زويد وركبنا الطائرة عائدين للقاهرة فى تمام الساعة السادسة والنصف مساء.
فى رحلة الساعات العشر أدركت أن الطريق طويلة والتحديات صعبة وكثيرة، لكن المهم أن الإرادة المصرية صلبة وواعية لكل المؤامرات، ومستعدة لها. وللحديث بقية.