الدولة الوطنية ضرورة وجود

الدولة الوطنية.. ضرورة وجود

الدولة الوطنية.. ضرورة وجود

 السعودية اليوم -

الدولة الوطنية ضرورة وجود

بقلم - رضوان السيد

  لا يكاد يمر أسبوع إلاّ ويفكّر كثيرون من العرب على وجه الخصوص، وسيأتي بعدهم الأفارقة على الأرجح، أن الدولة الوطنية الحافظة للوحدة والاستقرار عن طريق المواطنة والتنمية المستدامة، هي ضرورة وجود.
لمرتين أو لثلاث مرات كان الدكتور جابر عصفور، الناقد والمفكر ووزير الثقافة المصري الأسبق، يمزح معي عندما نناقش في الحلقات النقاشية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر (وكان عصفور رئيسه لحوالي عقدين من الزمان) كتابَ فيلسوف القانون الشهير جون راولز «نظرية العدالة» (1971)، والذي فيه أن الدولة مسؤولة عن العدالة وليست مسؤولةً عن «الخير» القيمي أو المادي.
كان عصفور يقول باسماً: هؤلاء انتهوا من بناء الدولة الديمقراطية الدستورية، ويرغبون بسبب نجاحها في إضافة مهمات جديدة لها، ونحن يا فلان نحتاج للدولة من أجل الحقوق الأساسية للأفراد في الحياة والاستقرار والتعليم والصحة وإمكانيات الحراك من دون خوفٍ أو قلق، لأنّ هناك من يحفظ ويحافظ، فهل تظن أن هولمز كان واهماً عندما أراد أن يعهد للسلطة بكل شيء ومن أجل منع الفتن وإحقاق الاستقرار ولا شيء غير؟!  
 فلاسفة التنوير في أوروبا وما قبله وبعده كانت لديهم الحروب بين البروتستانت والكاثوليك، وبعد ذلك بقليل بدأ الصراع بين الدول الأوروبية نفسها على استعمار العالم الجديد، ثم آسيا وإفريقيا. وهذا التغالب الداخلي والاستراتيجي، والذي كان مهلكاً على مدى قرابة القرن، هو الذي دفع فلاسفةً وسياسيين إلى اختيار قوة الدولة بديلاً للصراع الديني والصراع على الثروات بالداخل أو فيما وراء البحار. 
 أما في المجال العربي المعاصر فقد جربنا أسلوبين للتغيير الإيجابي: أسلوب الانقلابات العسكرية، وأسلوب الثورات. وما نجح الأسلوبان. أما الأول ففشل في التنمية وفي حفظ الحدود، وأما الثاني فأحدث الفوضى وجلب الميليشيات أو سمح بقيامها واستعلائها. وفي كلتا الحالتين ضعُفت الدولة لضعف الشرعية، وما تزال المغالبة جارية وسط تحكم بعض الدول وانقسام بعض المجتمعات. 
عندما كان العسكريون قادرين بسبب قوتهم المنظمة ودعم جهة دولية أو أكثر لهم، كانوا يتمكنون من حفظ الاستقرار، وإن لم يمتلكوا الشروط الأخرى للدولة الوطنية. لكن مع الضعف الذي نزل بهم والتدخلات الخارجية ودعاوى حركات التغيير، ظهر الداء الآخر: الميليشيات في بعض بلدان المشرق العربي، واليمن وليبيا والسودان. ومع الميليشيات ازدادت التدخلات الخارجية، واتخذت الفوضى سمات الحروب الأهلية.
    كانت لدى العرب الموجة الأولى من الانقلابات، والموجة الحالية هي موجة الميليشيات. أما في غرب أفريقيا ووسطها فتقع الموجة الثانية من الانقلابات، وكانت بعض الدول الإفريقية تشهد اضطرابات بالمناطق الداخلية أو على الحدود من جانب ما يسمى حركات «التحرير»، ثم الحركات الإرهابية باسم الإسلام!
    لا بديل عن السلطة القوية التي تتوسل حُسْن إدارة الشأن العام من أجل حفظ الوحدة الداخلية وصنع الاستقرار. وعندما تضعف السلطة لأي سببٍ كان يتدخل الخارج المجاور وغير المجاور، وتظهر الانقسامات الدينية والقومية والجهوية، وتنتشر الميليشيات المدعومة من الخارج والتي تريد تقاسُم السلطة مع القوة المركزية أو تستهدف الغلبة عليها.
   وقبل أن يتفاقم هذا الداء كانت دول الجامعة العربية أو بعضها يتدخل للتوسط ومكافحة الانقسام، واستعادة الرشد، سواء لجهة القائمين في السلطة أو الثائرين عليها. لكن في الموجة الأخيرة تفاقمت التدخلات الدولية والإقليمية بعد الغزو الأميركي للعراق. وأساء ذلك كلُّه لفكرة الدولة وممارسة السلطة، وصار كل مَن هبَّ ودبَّ يدّعي تحقيق الإصلاح، وحقّ التدخل من أجل ذلك.  
  لقد انتهت ممارسات الانقلابات ثم ممارسات الميليشيات التدخلية إلى فشلٍ ذريعٍ ودمارٍ كبير وشقاءٍ للناس. ولذا فإنّ كل عربي عاقل يجد نفسه مندفعاً في تيار استعادة الدولة الوطنية وتجديد تجربتها. وما انعدمت التجارب الناجحة للدولة في العالم العربي بحيث نلتمسها من الخارج. ففي الجزيرة العربية دول هي ملء السمع والبصر ومثار اهتمام العالم. فلتكن الدولة الوطنية هي الإنقاذ من الكوارث الواقعة.
*أستاذ الدراسات الإسلامية -جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الوطنية ضرورة وجود الدولة الوطنية ضرورة وجود



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab