عجيب أمر الأثير

عجيب أمر الأثير

عجيب أمر الأثير

 السعودية اليوم -

عجيب أمر الأثير

بقلم - أمينة خيري

بينما الحرب فى غزة مستمرة، وبينما عداد الشهداء الفلسطينيين يتضاعف، ومعه عدادات المصابين والمهجرين والنازحين، وعلى وقع الدك والقصف والتدمير الذى نجلس مثبتين أمام الشاشات نتابعه بينما يحدث، اختار البعض منا أن يدك بعضنا البعض. حرب أخرى تدور رحاها بكل همة ونشاط وزخم على أثير الـ«سوشيال ميديا»، وهو الأثير الذى مازلنا نعتقد أنه ساحة قتال، وأرض معركة من لا يخوضها بكل ما أوتىَ من سلاطة لسان تصل حد البشاعة والقبح والشناعة، لمجرد أن فلانا يعبر عن وجهة نظر مختلفة ورأى مغاير لما قرر أحدهم أن يكون هو الرأى الأوحد والتوجه الأصوب. عجيب جدا أمر هذا الأثير، الذى بدأ مبتكروه أنفسهم يكتشفون أنه ليس الملاك الطاهر ذا الجناحين، وأداة تمكين البسطاء ومسلوبى القدرة على التعبير فقط، لكن له أوجه أخرى يتقن الجميع استخدامها. الـ«سوشيال ميديا» ليست خيرًا مطلقًا، ولا هى شر خالص.

لكنها- شأن الأدوات التى نستخدمها والاختراعات التى توصل إليها علماء «الغرب»- يمكن أن تكون وسيلة إنقاذ ومساعدة وتيسير حياة، ويمكن أيضًا أن تكون أداة قتل. السيارة أو الباصات التى نقودها، والتى ابتكرها «الغرب» وطوّرها وصنّعها وصدّرها لنا تسهل تفاصيل حياتنا، تنقلنا من مكان إلى آخر، وتوفر الوقت والجهد، لكنها أيضا، فى حال قيادتها برعونة وجنون ودون اتباع قواعد السير التى وضعها آخرون أيضا، يمكن أن تتحول إلى أداة قتل ودهس الآلاف على الطرق سنويا. والهواتف المحمولة التى اخترعها «الغرب»، ويطورونها من موديل إلى آخر، ويصدرونها لنا، أدوات اتصال وتواصل وتمكين أيضا. نتواصل مع بعضنا البعض عبرها، ونلجأ إليها فى أوقات الطوارئ لينقذنا أحدهم، لكن يمكن كذلك استخدامها فى عملية انتحارية إرهابية للقتل والترويع. غاية القول: إن بيننا من قرروا تحويل أثير الـ«سوشيال ميديا»، وهو الأثير الذى صنعه الغرب أيضا، ليصوب سهامه القاتلة رمزيا إلى الآخرين. ورغم خبرتنا الأصيلة فى صراع الإنترنت، ونجاحنا المذهل فى تحويل هذا الأثير «التمكينى» على مدار السنوات الـ12 الماضية إلى أثير تعاركى تراشقى تخوينى، يعكس جوانب لا يستهان بها من العوار النفسى، والفوقية المستمدة من الانفراد بالرأى، وثقافة كثيرا ما تعكس إيمان المستخدم بأنه وحده من يملك الحقيقة ويمثل الفضيلة ويمتلك الإجابات لكل المشكلات التى تعيشها البشرية من الإبرة إلى الصاروخ، إلا أن ما يجرى على الأثير على خلفية المأساة الإنسانية فى غزة ينقل ثقافتنا العنكبوتية والحوارية إلى مرحلة أخرى تماما. هذا الكم من التراشق الافتراضى واتهام كل من يحمل رأيا مغايرا أو يعتنق فكرا آخر بأنه خائن وعميل ومنبطح، يعنى أننا فى حاجة ماسة إلى مراجعة أنفسنا. فى هذا الوقت العصيب، نحن فى أمس الحاجة إلى وحدة الصف، ووحدة الصف لا تعنى تطابق الآراء، لكن تعنى احترام الاختلاف، على الأقل لنوفر جهد التراشق الافتراضى لما هو أهم وأجدى.

arabstoday

GMT 16:56 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة مصرية ضرورية لإسرائيل

GMT 16:54 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صار لـ«حماس» عنوان!

GMT 12:19 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هل من طريق إلى السلام؟!

GMT 12:19 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية دولة أفعال لا شعارات

GMT 12:14 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«جوليا» كسر حاجز الخوف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجيب أمر الأثير عجيب أمر الأثير



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها

GMT 23:12 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"النهار" تصدر بصفحات بيضاء احتجاجًا على أزمات لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab