بقلم : محمد أمين
كتبتُ، أمس، أن حركة المحافظين، قدمت، فى فترات سابقة، وزراء ذوى طبيعة سيادية، منهم وزير الدفاع يوسف صبرى أبوطالب، ومحمود أبوالليل لوزارة العدل.. وقدمت بالطبع وزراء للتنمية المحلية مثل عادل لبيب وعبدالسلام المحجوب، وأود الإشارة إلى تقديمها ثلاثة وزراء داخلية كانوا «محافظين لأسيوط» وهم بالترتيب: زكى بدر وعبدالحليم موسى وحسن الألفى!.
ولكن «طريقة اختيار» وزراء الداخلية تغيرت بعد أحداث الأقصر عام 97.. وجاء حبيب العادلى رئيس جهاز أمن الدولة وزيرًا للداخلية، وألقى بيان الوزارة بإجادة، ومن يومها يأتى الاختيار من أمن الدولة.. وعادت الحكاية إلى الجهاز العريق.. ورأينا أكثر من وزير داخلية من الجهاز، آخر هؤلاء الوزيران مجدى عبدالغفار، ومحمود توفيق، تزامنًا مع الحرب على الإرهاب!.
والفكرة أن المحافظات كانت تمد التشكيل الوزارى بأسماء كبرى، فى وزارات حساسة.. وكان يتم اختيار هؤلاء طبقًا لفلسفة معينة.. وقد كتبت ذلك فى مقال أمس.. وأنا هنا لا أقول إن حركة المحافظين الآن لا تتم طبقًا لمعايير أو فلسفة واضحة.. إنما أذكر أن اختيار المحافظين وزراء كان حافزًا، ليقدم المحافظون أقصى ما لديهم.. وكانت المحافظات تشبه «بيت الخبرة»!.
وقد نسيت أن أقول إن وزير الشباب والرياضة الأسبق، د. عبدالمنعم عمارة، أيضًا خرج من محافظة الإسماعيلية، بعد 12 عامًا محافظًا، وتولى الوزارة وكان وزيرًا شهيرًا، كان ومازال يعشق برازيل مصر.. وكان أنسب مكان له بعد المحافظة وزارة الشباب، وأدارها باقتدار، ويكتب مقالًا أسبوعيًا هنا فى «المصرى اليوم» عن الرياضة وأشياء أخرى، ويقدم أفكارًا جادة لإصلاح المنتخب!.
وبالتأكيد مازالت الفكرة قائمة فى ذهن القيادة السياسية، فهو لا يرشح وزير التنمية المحلية فقط من المحافظات، وقد كانت هناك أفكار هذه المرة أن يتم تصعيد بعض المحافظين لحقائب وزارية.. المحافظات خبرة كبيرة جدا لمن يتولى حقائبها.. فهو يعمل فى التعليم والصحة والتموين والزراعة والرى.. وهو أقرب إلى «الوزير السياسى» منه إلى الوزير الأكاديمى!.
وتأكيدًا لما أقوله، فقد قرأنا وشاهدنا أن وزيرة الصحة الهولندية تعمل ساعتين كل يوم فى نظافة الشوارع، وترتدى «بدلة النظافة» وتجر العربة، وتبدأ الرحلة، ثم تعود إلى مكتبها.. معناه أن الصحة العامة تبدأ من الشارع.. وتبدأ من جمع القمامة.. عمليًا وزيرة الصحة لا تبدأ العمل من المكتب، ولا تقطع صلتها بالشارع والناس والصحافة، هذه قواعد الصحة عالميًا!.
والخلاصة أن الحكومة ليست هى الوزراء فقط، وإنما الوزراء والمحافظون.. ولابد أن تكون الرؤية هكذا فى تعيين الوزراء والمحافظين.. كلها حكومة.. ويكون التقييم على هذا الأساس.. المحافظ الناجح لا مانع أن يكون وزيرًا للداخلية والدفاع والعدل والصحة والشباب.. إنه الحافز الكبير!.