التنمية قدر الشعوب واستحقاقها

التنمية قدر الشعوب واستحقاقها

التنمية قدر الشعوب واستحقاقها

 السعودية اليوم -

التنمية قدر الشعوب واستحقاقها

بقلم - آمال موسى

تعرف الدول السائرة في طريق النمو والتنمية اليوم نوعاً من الارتباك العميق، وذلك باعتبار أن شروط البناء تقتضي الحد الأدنى من الاستقرار والعوامل المواتية، في حين أن الملاحظ هو وجود انفصام كبير بين مقتضيات البناء وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخوض مشاريع التغيير الاجتماعي وقطع خطوات فيها، وبين مظاهر عدم الاستقرار في العالم وأحداث التوتر البليغة.

طبعاً البلدان المتقدمة اقتصادياً وتنموياً لا مشكلة كبرى لها، لأنها أسست من عقود ومئات السنين بنيتها التحتية، وقطعت أشواطاً مهمة في المجالات الحيوية، لذلك فهي تتأثر قليلاً وبشكل سطحي في صورة حدوث أزمات وتوترات. والأمر لا يتجاوز لديها في أقصى الحالات ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار.

أمَّا البلدان السائرة في طريق النمو وتسعى إلى أن تكون خلف الركب، أي أنها بصدد البناء والإصلاح والتأسيس، ولكن كل هذه العمليات العميقة تحصل في خضم تشويش كبير وارتباكات تجعل من مشاريع عدة مؤجلة، فيتغير الانتباه والتركيز من المشاريع التنموية إلى إدارة المشكلات الطارئة، كارتفاع الأسعار وتداعيات الحروب والتوترات على المواد الغذائية والمحروقات.

السؤال: هل يمكن البناء المتراكم وتحقيق منجزات في مجال التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والجوع وتوفير مرافق الصحة والتعليم الجيد، والحال أن أي حرب في العالم تجبر الدول السائرة في طريق النمو على تأجيل التنمية المستدامة إلى أجل غير مسمى، والاهتمام بإيجاد حلول للمشكلات اليومية؟

يبدو أن العالم يتهرَّب من حقيقة ما فتئ التاريخ يرددها، وهي أن لا أمن لأي دولة إلا إذا شعر الجميع بالأمن بأبعاده المتعددة. فلا التقدم والقوة يحميان الدولة المتقدمة والقوية، ورأينا في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ما عاشه العالم من صدمة غيرت اتجاه العالم.

إن مصلحة العالم في تجفيف منابع الاحتقان والهشاشة والظلم وازدواجية المعايير. قد تتمكن الدول من تحقيق انتصارات، ولكن يكفي حدث غير متوقع حتى نعيد فهم أن الأمن الحقيقي ليس في امتلاك القوة، بل في الاعتراف بالغير والقبول بالاختلاف وتجاوز التفاضلية بين الثقافات والمجتمعات. فالضعيف أكثر خطورة من القوي.

فالخطابات الأممية تبني لعالم حقوق الإنسان والحريات وتكافؤ الفرص وعدم التمييز وأهمية الفرد والمواطنة العالمية. وطبعاً مطلوب من المجتمعات التي لم تلتحق كما يجب بالتحديث ولم تندمج في القيم الجديدة أن تلتحق بالركب وتحقق أهداف التنمية المستدامة، ويتم تحديد مؤشرات لقياس التقدم ودون ذلك فهو الركود.

طبعاً نحن لا نقدم أطروحة حالمة ومثالية وخارج التاريخ، عندما ندعو إلى هدنة عالمية لا حروب فيها ولا توترات كي يتم البناء، وإلا ستظل الدول غير النامية دائماً غير نامية ولن تتحول إلى دول متقدمة، لأن العالم لا يساعد على التنمية والحال أن تهدأ حرب لتقوم أخرى.

لننظر إلى العالم العربي والإسلامي من تاريخ أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى اليوم، وكيف أن سلسلة حروب الخليج وما حصل في العراق وانطلاق الثورات العربية وجائحة الكورونا والحرب الروسية والأوكرانية، وصولاً إلى ما يحدث في غزة من تقتيل للأطفال والنساء واستشهاد الآلاف من الفلسطينيين... فهل في مثل هذا السياق الناري والدموي يمكن البناء؟ وإلى أي مدى يمكن وضع استراتيجيات نمو ومشاريع تنموية وتنفيذها وتداعيات كل ما ذكرت تعصف بالموارد وتؤثر سلباً؟

من المهم أن نشير إلى أن العالم يضيق الخناق على الدول النامية، ولكن لا يقدم له في أقصى الحالات سوى الدعم الفني، وفي الوقت نفسه تقوم التوترات والحروب والصراعات في العالم بإنهاك المنهكين، الشيء الذي يجعلنا نتساءل: هل فعلاً هناك إرادة كي تصبح الدول غير النامية متقدمة؟

من جهة أخرى، فإنَّ تحقيق التنمية المستدامة مكلف جداً مادياً ويتطلب العون والدعم، ولكن ما يحدث هو أن ارتفاع الأسعار وتداعيات الحروب على الاقتصاديات تجعلانها تدور في حلقة مفرغة، وبالكاد يتم الاكتفاء بإدارة اليومي.

لا شك في أن التنمية يجب أن تكون قدرَ كل الشعوب النامية، لذلك فإنَّ ما عبرنا عنه من انفصام وإرباك لعمليات الإنجاز والنهوض في البلدان السائرة في طريق النمو لا يمكن أن يشكل مانعاً بقدر ما يجب التعامل معه بوصفه معوقات لا مفر من هزمها، لأن التنمية استحقاق وليست منة من أي أحد.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية قدر الشعوب واستحقاقها التنمية قدر الشعوب واستحقاقها



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها

GMT 23:12 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"النهار" تصدر بصفحات بيضاء احتجاجًا على أزمات لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab