بقلم -الدكتور زاهي حواس
مركب الملك خوفو المعروف باسم مركب الشمس يعد أكبر مركب كامل في العالم ويعود تاريخه إلى 4600 سنة وعُثر عليه مفككاً داخل حفرة جنوب الهرم. وإذا ما دخلنا في تفاصيل عملية ترميم حفرة المركب سنجد أن الذي قام بترميمها الحاج أحمد يوسف، الذي يعد معجزة الترميم، وسوف نعرف مدى الجهد والصبر الذي تحمله هذا العظيم، أعظم مرممي العالم. وبعد أن تمت أعمال الترميم لكل قطعة خشبية، والتي وصل عددها إلى 1224 قطعة كان تجميع هذه الأخشاب لإعادة بناء المركب من الأعمال المعقدة والعسيرة نظراً إلى عدم وجود أي عمل مثل هذا تم في أي مكان بالعالم، وقام الحاج أحمد يوسف بعمل دراسات وأبحاث كالاطلاع على الرسوم والمناظر للمراكب المصورة داخل مقابر الدولة القديمة، وصور المراكب، ودرس المراكب التي تعود إلى عصر لاحق من عصر خوفو وتعود إلى عصر الملك سنوسرت الثالث والتي عُثر عليها بمنطقة دهشور.
وكان يزور المواقع الحديثة التي يتم فيها صنع المراكب لكي يعرف دقائق العمل سواء مراكب الصيد أو المراكب السياحية ويجلس مع العمال ليعرف دقائق العمل. وبعد ذلك بدأت عملية التركيب بعد أن فصل كل جزء على حدة، سواء بدن المركب أو المقدمة. وبعد تركيب البدن وتثبيت العوارض في أماكنها تبيّن أن هناك ستة عوارض مفرّزة من الجانبين وأن سُمْك هذا الأفريز يعلو عن سطح الأرض بـ5 سم، وظهر أن هذه العوارض الستة مخصصة لتقسيم سطح البدن وتقسَّم إلى أقسام محددة لأجزاء الأرضية الخشبية للمركب، ثلاثة أقسام فيها وجه المقدمة وثلاثة أقسام فيها المؤخرة وبينها مساحة بسيطة لباب أو فتحة صغيرة للنزول إلى ساحة المركب.
وفي أثناء عملية فرز الأخشاب كان من الصعب على الحاج أحمد أن يعرف أجزاء المقصورة الرئيسية للمركب، ولكنه استطاع بعد جهد كبير تركيب المقصورة فوق أرضية المركب وسطح البدن بعد معرفة المكان المخصص لها، وذلك بوضع وإقامة الجانب الأيسر لها وهو مكون من خمسة أجزاء. وبعد تركيب المركب وجد أن أحد المجاديف الخلفية في حالة سيئة جداً ولذلك وضع مجدافاً جديداً بدلاً منه وأصبح الطول الكلي للمركب 42.32 متر، وأكبر عرض يقاس منه مستوى السطح نحو 60 متراً وبارتفاع نحو 7 أمتار. وتم افتتاح المتحف الخاص بالمركب رسمياً في 6 مارس (آذار) 1982، وبعد ذلك ترك الحاج أحمد يوسف استراحة الهرم ليعيش داخل منزله في سوق السلاح والذي تحول إلى مؤسسة ترميمية مهمة جداً.
وكان يلازمه في ذلك الوقت الخبير السياحي محمود القيسوني، وجعل الحاج أحمد يتبرع بمكتبه لمركز تسجيل الآثار. وقد قمت بزيارته في سوق السلاح وبعد ذلك رحل الرجل وترك لنا ثروة لا تقدَّر بثمن من الصور والمخطوطات
والسجلات التي تشرح بدقة كيف استطاع أن يعيد هذا المركب إلى حالته ويصبح من أهم الآثار الموجودة لدينا في مصر. وهنا يجب أن نكرم هذا الرجل، لذلك أرجو عندما يتم نقل المركب إلى المتحف الكبير أن يقام له جزء لعرض إنجازاته وتكريمه. ولأن المركب سوف يُنقل من مكانه الحالي إلى المتحف المصري الكبير ولا يوجد لدينا مرمِّم حالياً مثل الحاج أحمد يوسف، لذلك فإن الحل الوحيد هو نقل المركب كتلة واحدة لأن عملية تفكيكه ستكون مشكلة. وعموماً الدراسات العلمية سوف تحل مشكلة النقل.