بقلم - زاهي حواس
لحظة الاكتشاف هي أسعد لحظات الأثري الذي يكشف عن أثر للمرة الأولى، بعد أن توارى في الرمال مئات أو آلاف أو حتى ملايين السنين. وهذه اللحظة استطاعت هيئة التراث السعودية أن تنقلها لأطفال وشباب المملكة العربية السعودية من خلال مبادرة أطلق عليها اسم «المكتشف الصغير»، التي تتكون من محاور تعليمية عدة لا تقف عند حد طريقة الكشف عن الآثار فحسب، بل هناك ركن هام جداً بعد الكشف، وهو ركن طبقات الأرض للموقع الأثري. ويقوم الأطفال باستخدام الرمال والصلصال من درجات اللون البني، وذلك لتجسيد محاكات طبقات التربة. وهناك أيضاً ركن محاكاة التنقيب للأطفال، الذي يقدم تطبيقاً عملياً للبحث عن الآثار في مواقع أثرية افتراضية. وهي عبارة عن مواقع صغيرة محاكية للمواقع الحقيقية، لتعليم الأطفال البحث والكشف عن الآثار. وبعد ذلك هناك ركن آخر، وهو ركن التسجيل ومن خلاله يتعرف الطفل إلى تسجيل وترميم اللقى الأثرية، وطريقة نقلها وحفظها باستخدام أسس علمية مبسطة وأدوات مماثلة لتلك التي يستعملها علماء الآثار، مما يساهم في بث الحيوية في المجال الأثري، ورفع مستوى جاذبيته للصغار عبر تطوير آلية التعامل مع الآثار لقوالب عصرية مستدامة. وبعد ذلك ينتقل الطفل إلى ركن «أشبع فضولك عن الآثار» يتيح للطفل الاستفسار عن الاكتشافات الأثرية، وتتم الإجابة عن أسئلته عن طريق أثري متخصص من هيئة التراث، ومنها ينتقل الطفل إلى ركن «اكتب اسمك بالخط المسند»، وهناك يتعرف الطفل إلى أن هناك خطوطاً كتابية أخرى استخدمت في العصور القديمة في المملكة، واكتشفت بواسطة علم الآثار. وفي هذه اللحظة يتم التقاط صورة للطفل وهو يعيش هذه اللحظة. وبعد ذلك هناك مرحلة ثابتة تستهدف طلاب المدارس بالفئة العمرية من 13 إلى 17 سنة متضمنة سبع رحلات مدرسية ميدانية لستة مواقع أثرية في المملكة، وتشهد هذه الرحلة ثلاثة أنشطة تعرف الأطفال بتاريخ الموقع الأثري وأهميته، ويعرف العمق الحضاري للمملكة وتعزيز الانتماء الوطني لدى الطلاب من خلال التعرف إلى تاريخ الوطن وقيمته الأثرية، وتأتي هذه المبادرة المهمة ضمن استراتيجية هيئة التراث لتعزيز الروابط بين الأجيال الجديدة وتراث المملكة العريق كإحدى الوسائل المهمة للحفاظ على التراث الأثري في المملكة العربية السعودية، وكذلك لتعزيز الهوية الوطنية والوعي الثقافي بالمملكة، وذلك سعياً من الهيئة إلى إشراك الأطفال اليافعين في الاهتمام بعلم الآثار وتعريفهم بمواقع التراث الوطني من خلال أساليب تعليمية تتوافق مع فئاتهم العمرية لصناعة جيل يعرف وطنه ومكانة بلاده التاريخية وحضارتها الممتدة لآلاف السنين.