بقلم - مشاري الذايدي
هبط فجأة وطار فجأة، لكنه خلّف في ظهوره بتونس، غباراً وقتاماً وقلقاً وشروخاً، إنه صانع المشكلات ومحترف الإثارة، العصمنلي المزاج، رئيس تركيا المتعبة، رجب طيب إردوغان.
الرئيس التونسي الجديد، الأستاذ الأكاديمي المثالي، قيس سعيّد، وجد نفسه أمام عشرات الأسئلة من القوى التونسية السياسية ومن الشارع العادي: لماذا وكيف وإلى أي غاية كانت زيارة إردوغان التركي لقصر قرطاج؟
هو يقول، التركي، إنه اتفق مع سعيّد على دعم فائز السراج وجماعته الإخوانية في ليبيا. ووزير داخلية حكومة طرابلس الإخوانية، فتحي باش آغا، قال إن تونس انضمت لمحور تركيا - طرابلس الواقعة.
الأمر سبب ضجة في تونس، خاصة أن إردوغان اصطحب معه وزراء الحرب، الدفاع والاستخبارات والخارجية، بينما قابل قيس سعيّد السلطان العثماني بدون وزرائه المعنيين!
المتحدثة باسم الرئاسة التونسية رشيدة النيفر سارعت للرد والدفاع وقالت إن موقف الدولة محايد في ليبيا ولم ننضم لأي تحالف، كما استهجنت الرئاسة التونسية التصريحات حول انضمام تونس لحلف تركي في ليبيا.
لكنها في نفس البيان شددت على الدعم التونسي لـ: حكومة (فائز) السراج، في «إطار تشبث تونس بالشرعية الدولية»!
يعني أن الموقف التونسي الرسمي محايد أو داعم لطرف؟! بصرف النظر عن حقيقة وصدقية هذه الشرعية الموصوم بها كيان الإخوان السياسي في طرابلس الغرب.
الرفض التونسي الشعبي والسياسي لهذه المواقف «المريبة» من قبل الرئيس الجديد قيس سعيّد في الالتحاق بالمحور التركي القطري، متصاعد.
تونس لها خصوصية شديدة في العلاقة مع ليبيا، اجتماعياً واقتصاديا وسياسيا طبعاً، وهي بهذا الانحياز تضع نفسها في المكان الخطأ من التاريخ.
ضع ذلك مع الأنباء المتواترة عن تقاطر مقاتلي «القاعدة» و«النصرة» و«داعش» إلى الأرض الليبية من الأرض التركية عبر البحر والبر، فما دور تونس المقبل في هذا الإطار؟ وما هي طبيعة «الدعم» الذي ذكرته المتحدثة الرئاسية التونسية للحكومة «الشرعية» كما وصفتها، حكومة فائز السراج التابعة لـ«الإخوان المسلمين».
الحزب الحر الدستوري، طلب، من البرلمان دعوة وزيري الدفاع والخارجية إلى جلسة مساءلة بخصوص زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتونس.
نحن إزاء عدوان تركي بنكهة عصمنلية على ليبيا، وطمع بنفطها وغازها وناسها وبرها وبحرها، بل إن رجب طيب إردوغان عبّر صراحة عن هذا الجشع وشرعنه بالحديث (مدعياً) عن «مليون ليبي من أصول تركية يستحقون دعمه والتدخل لنجدتهم». وتحدث سابقاً عن ليبيا بوصفها «جغرافيا قديمة لتركيا» على تركيا الحالية الدفاع عنها! هذا الموقف هو أكبر امتحان لقدرات ورؤية وبصيرة وأفكار المثقف التونسي المثالي قيس سعيّد في فجر رئاسته على البلاد، بلاد بورقيبة ومقر الجامعة العربية سابقاً.