«بقايا النهار»

«بقايا النهار»

«بقايا النهار»

 السعودية اليوم -

«بقايا النهار»

بقلم - سمير عطا الله

 

في رواية «بقايا النهار» للياباني كازو إيشيغورو، يُتوفى والد رئيس الخدم في قصر اللورد هارلنغتون. ما الهم الأكبر في هذه اللحظة؟ أن يخبّئ رئيس الخدم الأمر عن سيده لكي لا تتأثر حركة الحياة في القصر. إنها الروح الإنجليزية: الواجب أولاً.

أول أيام الهدنة في غزة عاد الكثيرون من المهجّرين إلى ركام منازلهم لكي «يتفقد» بقاياها. وفي جنوب لبنان عاد المهجرون إلى البيوت التي تركوها لكي يروا ما حل بها. الواجب أولاً. البيوت. لا يجب الخلط بين الواجب والحزن.

الصور الآتية من بقايا غزة، كانت صور الفلسطيني الذي لا يبكي. يتمشى بين الركام وفتات الحجارة ولا يبكي. ولا يُقهَر. ولا يتذمَّر. بقايا النهار، وبقايا الحياة، وبقايا الأرض، وهو لا يبكي. منذ ثمانين عاماً وهو في هذا المشهد. هو وأطفاله، والأرامل، والمرض وسائر أنواع العذاب، والطائرات تدكّ بيوته وخيامه ومدارسه ومستشفياته، وهو يغطي جثة أبيه لكي لا تؤثر في واجبه ونضاله.

إسرائيل لا تخوض الحرب، بل ما بعد الحرب. لا تريد أن يبقى في غزة حجر لم يُفتَّت. تريد تدمير نظام الحياة حتى في أبسط أشكالها. لا مياه، ولا خبز، ولا مدارس، ولا طرقات. هكذا كانت أوروبا «بعد الحرب». العنوان الذي اختاره المؤرخ طوني جدت لكتابه الملحمي عمّا حدث لأوروبا التي تحولت إلى غبار، وليس فقط إلى بقايا.

تريد إسرائيل أن تدمّر مقومات البقاء والقيامة معاً. قلت لأحد الزملاء المصريين الاعزاء في برنامج تلفزيوني قبل أسابيع، لا تنظر إلى أول الطابور المهجّر. انظر إلى آخره. سوف ستديرون ويعودون. هذا تماماً ما حدث في الساعات الأولى للهدنة: سوف ترى الفلسطيني عائداً يتفقد ما بقي من أحلام وذكريات وبيّارات.

يتأمل العالم الصورة أمامه ويرى في نهاية النفق طفلاً يشبه «حنظلة»، طفل ناجي العلي، وهو يخرج من لوحته وأسماله، ومن مخيمه وثوبه المرقّع، ومن خلفه يسير العالم أجمع، يريد أن يعرف كيف كل غارة تلد ألف حنظلة.

مثل الأساطير يقوم طائر الفينيق. لكن الأسطورة هنا بالبث المباشر. ولهذا تحاول إسرائيل قتل جميع المراسلين أيضاً. أحدهم هو و41 فرداً من عائلته، وآخر هو و12 فرداً من عائلته، وفي جنوب لبنان سرب من الصبايا والشبان كانوا يحاولون نقل شيء من الجحيم إلى ضمائر البشر وتكايا «المجتمع الدولي».

«بعد الحرب»، ماذا بعد الحرب؟ نتمنى أن نُرزق بما رُزقت به أوروبا بعد الحرب. عمّارون من طينة وطراز الألماني كونراد أديناور، والفرنسي شارل ديغول، والهندي جواهر لال نهرو، والسنغافوري لي كوان يو، والماليزي مهاتير محمد. عمّارون ورجال دولة وأصحاب رؤية. ورجال يدركون معاني ما قاله المؤرخ البريطاني إف. إتش. كار: «التاريخ حوار دائم بين الماضي والحاضر والمستقبل».

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بقايا النهار» «بقايا النهار»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها

GMT 23:12 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"النهار" تصدر بصفحات بيضاء احتجاجًا على أزمات لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab