بقلم - سمير عطا الله
أعاد فيلم «أوبنهايمر» عن حياة العالم الأميركيّ روبرت أوبنهايمر، أب القنبلة الذرّية، الجدل حولَ العالم، حول أخلاقية الاختراع الذي غيّر معنى السلاح والقتل الجماعي في دنيا البشر. وظلَّ السؤال الأهم هو الذي طُرح عندما انتهى أوبنهايمر من اختراعه، هل كان عليه أن يتوقف عن إكمال العمل عندما اكتشف هَوْل السلاح؟ أو أن يستمرَّ فيه؟ وبالتالي يمكن واشنطن من استخدامه في هيروشيما، بحيثُ تهزم اليابان وتُنهي الحرب.
في قراءةٍ ثانية لسيرة أوبنهايمر، أول ما يخطر في البال الإمبراطور الروماني نيرون الذي كان يعزفُ على الكمان وهو يشاهدُ روما تحترقُ أمامهُ.
وفي رواياتٍ كثيرة يبدو القاتل الجماعي رجلاً محباً للموسيقى والفنون كما كان أوبنهايمر، الذي نشأ في بيتٍ يعزفُ والده الموسيقى وتجمعُ والدتهُ أغلى اللوحات الفنية. وكان صانع القنبلة متمكناً من اللغات كالإيطالية والألمانية وحتى السنسكريتية.
سُئل أوبنهايمر في مقابلة صحافية 1955 ما هي الكتب العشرة التي تأثرَ بها أكثر من سواها؟ فقط كتابان كانا عن العلوم. أما عن الثمانية الباقيَة فقد اختار كُتُباً رومانسية مثل قصيدة تي أس إليوت «الأرض البَوار»، وقصيدة بودلير «أزهار الشرّ»، و«هاملت». حتى في صداقاته الشخصيّة ابتعدَ عن العلماء والفيزيائيين أمثاله وارتبط بصداقاتٍ مع أدباء ومؤرخين ومثقفين مثل ستيفن سبندر وآرثر شليسنغر. وكان يشارك في معظم النشاطات الثقافية التي كانت تقيمها جامعة برينستون، التي تستضيف كبار الأدباء والموسيقيين يبدو في ذلك كله وكأنه يعوضُ عن عقدة الذنب التي رافقتهُ طوال حياته خصوصاً في العامين الأخيرين بعد إصابته بسرطان الحنجرة لكثرة ما كان مدمناً على التدخين.
عُرِضَ «أوبنهايمر» في نفس الوقت التي عرض فيه فيلم «باربي». حصدَ خلالَ شهرين نحوَ مليار دولار بينما حصدت الدمية «باربي» في الفترة نفسها ما يزيد عن ملياري دولار. ما هي نوعية المشاهدين الذينَ سحرهم قاتلٌ يحصدُ البشر