بقلم : سمير عطا الله
في العدد الأخير من «أتلانتيك مانثلي» طرحت المجلة على تسعة من كبار المعلقين الرياضيين في الولايات المتحدة السؤال التالي: ما هو في رأيك الحدث الرياضي الأكثر أهمية في تاريخ أميركا؟
معظم الأجوبة تناولت الأثر الاجتماعي، أو السياسي، كمثل انتصار محمد علي كلاي في الملاكمة، أو فوز الرياضيين الأميركيين على السوفيات في الدورات الأولمبية. المعلق مايكل ميمس، من ولاية ألاباما، اختار العدّاء جيسي أوينز الذي نال أربع ميداليات ذهبية في دورة برلين، العام 1936.
كان المضيف الألماني أدولف هتلر يريد أن يثبت للعالم تفوق الرجل الأبيض في تكوينه الجسدي والعقلي، ويدعو إلى سيطرة العرق الآري على العالم. وقد أراد الدورة الأولمبية مهرجاناً دولياً لتأكيد نظريته، فإذا حاصد الميداليات التي تدحض نظريته العنصرية شاب أسود من أغنى دولة في العالم.
لكن هتلر استطاع طبعاً أن يكظم غيظه. أما الفضيحة فكانت في أميركا، حيث كان التمييز العنصري لا يزال في أسوأ درجاته. فقد استقبل الرئيس روزفلت في البيت الأبيض الأبطال العائدين من برلين، إلا جيسي أوينز. وأقيم في فندق والدورف استوريا، نيويورك، حفل ضخم للرياضي المنتصر، لكن أوينز منع من الدخول من الباب الرئيسي لأنه «ممنوع دخول السود».
وقد ذكرني ذلك بالكوميدي ديك غريغوري الذي أقيم له حفل تكريم كبير في مدينته سانت لويس، التي غادرها غاسل سيارات وعاد إليها نجماً شهيراً. وبعد نهاية الحفل الذي أُعطي خلاله مفتاح المدينة، ذهب لينام في الفندق الذي حجز فيه، فاعترضه موظف الاستقبال قائلاً: آسف يا سيدي، ولكن ممنوع دخول الزنوج، فقال يومها جملته الشهيرة: أعطوني المفتاح وغيروا القفل!
عندما ذهبت إلى الولايات المتحدة العام 1973، كان الكثير من هذا المناخ الاجتماعي لا يزال سائداً. وكان لا يزال منظراً غير مألوف مشاهدة الأفروأميركيين بكثرة في «الأماكن البيضاء». والآن لم يعد لون البشرة علامة فارقة في أي مكان، حتى في «هارلم»، الذي كان يسمى «غيتو الزنوج». لكن بالتأكيد لا يزال الأسود يحمل في داخله مرارة قرون الاستعباد.