مفكرة لشبونة إلى جانب بيساوا

مفكرة لشبونة: إلى جانب بيساوا

مفكرة لشبونة: إلى جانب بيساوا

 السعودية اليوم -

مفكرة لشبونة إلى جانب بيساوا

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

جالس في مقهى «برازيلييرا» (البرازيلية) في وسط لشبونة القديمة. إلى يميني كرسي من برونز، كل 5 دقائق، أو أقل، يجلس على هذا الكرسي رجل - أو امرأة - لكي تلتقط له صورة إلى جانب صاحب التمثال الذي إلى جانبه.
التمثال لرجل يعتمر قبعة من طراز عصره، ثلاثينات القرن الماضي. ويضع نظارتين طبيتين من زمنه. وربطة عنق طراز الفراشة الذي لم يعد شائعاً إلا عند نوادل المطاعم. يضع صاحب التمثال رجلاً على رجل، مثل سائر رواد المقهى. ويطرق مفكراً كما كان يفعل يوم كان حياً، يلازم هذا المقهى بعد ظهر كل يوم، عندما ينتهي دوامه في شركة المحاسبة. ذلك العمل الممل الرتيب خالي المخيلة والروح. وإضافة إلى الرتابة والملل، كل شيء متوقع ومحدد، حتى الساعة التي يقف فيها السنيور فاسكيز، صاحب الشركة، فوق رأسه ويردد: عينك على الحسابات يا سنيور بيساوا. الزبائن يأتمنوننا على أعمالهم مثل أرواحهم. ثم يمضي فاسكيز في طريقه إلى محاسب آخر ليردد الجملة نفسها. وبعد قليل ينتهي الدوام. وبدل أن يذهب فرناندو بيساوا إلى غرفته الصغيرة المستأجرة، يأتي إلى هنا، في هذا المقعد، يدوّن أفكاره في خط متعرج غير مقروء إلا بصعوبة.
عاش بيساوا 47 عاماً، لم ينشر في حياته أي كتاب. وبعد وفاته، قام مَن جمع أوراقه المقروءة في صعوبة وعناء، فإذا بهم أمام أهم شعراء البرتغال. سواء ما كتبه تحت اسمه، أو بأسماء 136 شخصاً تخيلهم، وأشهرهم «سيرة الرجل الذي لم يكن».
جئت إلى لشبونة، مثل هؤلاء الذين يلتقطون الصور معه، من أجل بيساوا أولاً. وسرعان ما تكتشف أنها أولاً مدينة بيساوا. وثانياً عاصمة البرتغال. ويفرض مقهى «برازيلييرا» على زبائنه سعرين، كما تقول لائحته. سعر الخارج، الاسبلانادا، قرب بيساوا، وسعر الداخل الخشبي حيث لا تعد تراه، وكأنك في مقهى آخر. سعر الخارج يزيد ثلاثين في المائة على سعر بلا مرأى من شاعر البرتغال.
كل خمس دقائق تقريباً، يأتي أحد عابري الساحة ويجلس على هذا الكرسي إلى جانب هذا الرجل الأقرب إلى رسم كاريكاتوري. يكفي أن ترم شاربين فتعرف أنه هتلر. أو عصا، فتعرف أنه شارلي شابلن، أو حاجبين، فتعرف أنه أينشتاين. قبعة عالية في الوسط، وشاربان حزينان، وربطة عنق طراز الفراشة، فتعرف أنه بيساوا. وها أنا إلى جانبه، الكرسي التالي، أما الكرسي البرونزي إلى جانبي، فقد حف من كثرة الزائرين. جميعهم يريد القول إنه مر بقرب الرجل الذي كان مختبئاً بوظيفة محاسب عند فاسكيز، فيما هو صاحب «كتاب الاضطراب».
إلى اللقاء...

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة لشبونة إلى جانب بيساوا مفكرة لشبونة إلى جانب بيساوا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:20 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل الدولار كندي الأحد

GMT 21:58 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

منة عرفة توجه رسالة إلى على غزلان والجمهور

GMT 12:42 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

نجوم الفن يهنئون النجمة درة بمناسبة عيد ميلادها

GMT 23:12 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"النهار" تصدر بصفحات بيضاء احتجاجًا على أزمات لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab