بقلم : سليمان جودة
غرّد الكاتب الأستاذ أحمد الجارالله على صفحته على تويتر، فقال إن على العرب أن يعيدوا سوريا إليهم بأسرع طريقة ممكنة، لأن النظام الحاكم فى دمشق مستقر فى مكانه، ولأن الذين حاولوا إسقاطه لم ينجحوا، ولأننا لا يجب أن نلوم سوريا على التحالف مع روسيا، ولأن علينا أن نحميها من إيران.. ثم أضاف أن الحكومة السورية لم تجعل طهران تتمكن من شام العرب!
إننى أتفق مع دعوة الرجل بنسبة مائة فى المائة، وأحرّض كل عربى تجرى فى شرايينه دماء عربية على أن يتبناها، وأن يحملها فى داخله إلى كل مكان، وأن يظل يبعث فيها الحياة حتى تتحقق!
وكنت قد زرت دمشق قبل ثلاث سنوات، ضمن وفد صحفى مصرى، وأذكر أن لقاءً ضمنا مع وليد المعلم، وزير الخارجية السورى، وأذكر أن أهم ما قاله لنا إن العرب لو حضروا إلى جوار حكومة بلاده فى ذروة أحداث «الربيع العربى».. ما كانت إيران قد عثرت على موطئ قدم لها هناك! والمعنى أن إيران لم تذهب إلى أرض الشام، إلا لأن العرب قد غابوا، ولو حضروا لكانت هى قد غابت، بحكم نظرية ملء الفراغ الشهيرة.. فالأراضى السورية عربية قبل أن تكون سورية، وهى لا تتسع للطرفين معاً: العرب والإيرانيين.. فإما هُم فوقها.. وإما نحن.. ولا منطقة وسطى تجمع النقيضين!
وتقديرى أن حديث الأستاذ الجارالله عن أن حكومة الأسد لم تجعل الإيرانيين يتمكنون من شام العرب، يظل فى أشد الحاجة إلى استقصاء يتحرى وجه الحقيقة فى الموضوع.. فحكومة المرشد خامنئى لا تدخر جهداً فى إنشاء الجامعات والمدارس فى العاصمة السورية.. وهى جامعات ومدارس ذات رسالة محددة، وتُروج لأفكار بعينها بين السوريين، وليست جمعيات خيرية بالتأكيد!
وأتمنى لو أن صحيفة «السياسة» الكويتية التى يرأس الجارالله تحريرها، قد بادرت بالبحث فى هذه القضية صحفياً، ولو أنها فعلت فسوف يتبين لنا أنه إذا كان صحيحاً أن الحكومة السورية لم تجعل طهران تتمكن من شام العرب، فإن الأصح هو أن حكومة الملالى لم تذهب إلى سوريا فى نزهة، لكنها ذهبت لأهداف سياسية لا تغيب عن كل صاحب عقل.. وإلا.. فلماذا وجودها البحرى بهذا الحجم فى ميناء اللاذقية؟!
وكنت أمس الأول قد قرأت تقريراً مخيفاً فى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، وهو مخيف لأنه يتحدث عن «زحمة فى شرق الفرات بقواعد عسكرية أجنبية».. فالروس يقيمون قاعدة حالياً بعد قاعدتين بحريتين فى طرطوس وفى حميميم.. وتركيا تبنى قاعدة فى المنطقة نفسها.. أما واشنطن فتملك ٥ قواعد وتقيم اثنتين!.. فماذا يتبقى من سوريا للعرب؟!
إن دعوة الجارالله جاءت فى وقتها، وهى أمانة فى عنق كل مسؤول عربى، وسوريا تستصرخ ضميرنا العربى الغائب وتدعوه إلى الحضور!