غزة الصامدة وكلمة للتاريخ
أخر الأخبار

غزة الصامدة وكلمة للتاريخ

غزة الصامدة وكلمة للتاريخ

 السعودية اليوم -

غزة الصامدة وكلمة للتاريخ

بقلم - فاروق جويدة

 

 سوف يتوقف التاريخ طويلا أمام صمود غزة ما يقرب من مائة يوم أمام الجبروت الهمجى لإسرائيل وكل من أيدها قولا وفعلا وصمتا.. إذا كان الحاضر غير منصف والواقع افتقد الإنسانية، فإن التاريخ سيكون صاحب الكلمة حين يضع الأحداث فى سياقها ، والرجال فى أماكنهم والشعوب فى مواقفها ، سوف يتوقف التاريخ عند جيل جديد من شباب فلسطين الذين خرجوا من لهيب المأساة ليقدموا للعالم صورة شعب لم يفرط ولم يهادن ولم يتاجر فى قضيته ويبيع أرضه ..

ـــ إن موقف شباب فلسطين فى هذه المواجهة ، أن الحق فوق القوة وأن التضحية غير الاستسلام ، وأن الدماء أغلى من التطبيع .. لقد استخدم شباب فلسطين كل أساليب الحرب الحديثة فى صناعة الأسلحة والصواريخ والتكنولوجيا والأنفاق التى دوخت العدو ، واستطاع أن يصمد مائة يوم أمام الجبروت الصهيونى وأدار المعركة وهو لا يملك طيرانا ولا دبابات ولكنه امتلك الإرادة .. إن أطفال الحجارة هم الذين خاضوا حرب غزة وصمدوا مائة يوم وسط النيران..

ــــــ سوف يقول التاريخ إن غزة لقنت إسرائيل درسا فى المعارك لم تشهده منذ احتلت أرض فلسطين وأقامت دولتها المزعومة .. إن إسرائيل الآن أمام شعب يقاتل ويقدم الشهداء كل دقيقة وهو يعيد أمجاد الجزائر وطن المليون شهيد ، وعمر المختار وعبد المنعم رياض والشاذلى والجمسى وهؤلاء الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه..

ـــ إن جيش إسرائيل سوف يعيد الآن حساباته فهو لم يتعود على الحروب الطويلة ولم يمارس عشق الأرض وكيف تقاتل مع أبنائها .. سوف يقول التاريخ إن أكبر دولة عظمى فى العصر الحديث كانت ضحية دولة لقيطة زرعها الغرب فى بلاد الأنبياء فدنست الأرض واستباحت قدسية المكان وحرمة الدماء..

ـــ إن أمريكا أكبر الخاسرين فى حرب غزة، فقد جاءت ببوارجها وحاملات طائراتها وقدمت أحدث ما وصلت إليها ترسانتها العسكرية ولم تحسم المعارك لمصلحة إسرائيل، واشتعلت حولها النيران فى البحر الأحمر وباب المندب وجنوب لبنان وسوريا والعراق وجمعت حشود العالم لتواجه اليمن البلد الفقير المجهد وانتصر ثوار اليمن .. إن أمريكا وهى على أبواب الانتخابات سوف تواجه ظروفا صعبة فهى لم تحسم الحرب فى أوكرانيا ولم تنتصر فى غزة بل إنها خرجت تحمل تهمة تاريخية مع إسرائيل لأنها شاركت فى حرب الإبادة ضد أطفال غزة، وسوف يقف الجميع أمام محكمة العدل الدولية فى إدانة تاريخية وتهمة بحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى وهى جريمة لا تسقط بالتقادم وتبقى عارا على أصحابها..

ـــ سوف يقول التاريخ إن حرب غزة تركت جراحا كثيرة بين الأشقاء وأن ما حدث كان شيئا غريبا على علاقات الأخوة التى كان ينبغى أن تكون مصدر حماية وأمان .. هناك كلمة حق لابد أن تقال إن الحروب لم تعد الصواريخ والقنابل، ولكن الإعلام أصبح جيشا مشاركا بكل حشوده، وقد استطاع الإعلام العربى أن يشارك فى المعارك بجدارة بجانب الإعلام الصهيونى الذى احتكر الساحة سنوات طويلة وكانت غزة حديث الإعلام العالمى بكل ألوانه وجبهاته.. وكان اغتيال أكثر من مائة صحفى فلسطينى حدثا لم تشهده الحروب من قبل، وكان النموذج الفذ فى الشهادة ابن الصحفى المقاتل وائل الدحدوح وحفيده وأسرته..

ـــ سوف يقول التاريخ إن حرب غزة نجحت فى أن تقدم للقضية الفلسطينية وجوها جديدة تقود مسيرة النضال، وأن القيادات القديمة يجب أن تنسحب من الميدان ابتداء بفرسان أوسلو وكوبنهاجن وانتهاء بمواكب التطبيع، وأن يتركوا الساحة لمن قدموا الدماء.. لقد حان الوقت أن يسدل الستار على أسماء يجب أن تختفى، لأن هناك أجيالا جديدة أكثر وعيا وإصرارا ..

ــــ سوف يلوم التاريخ كل من بخل على أطفال غزة بالدواء والطعام وربما بقى ذلك ثأرا بين شهداء فى رحاب الله وشعوب تخلت عن واجبها .. سوف ينتظر العالم مسيرة الأحداث بعد أن يصمت الرصاص لكى تتضح صور الجرائم والدمار، ويرتفع صوت شرفاء العالم يطالبون بالعدل والقصاص من تجار الموت لكى يكونوا عبرة لكل من استخدم كل الأساليب فى انتهاك آدمية البشر.. سوف يكون هناك حساب لأطفال غزة الشهداء، وقتل نسائها، ودمار جدران بيوتها وأطلال مساجدها وكنائسها .. ماذا سيقول التاريخ عن آثار غزة التى نهبها الجنود وممتلكات الناس من الذهب والأموال وهى تقدر بالملايين ومن يعوض الناس عن هذه العقارات والمساكن والبيوت والمستشفيات والمدارس، من يعيد الآلاف من شهداء غزة لأحضان أمهاتهم مرة أخري؟.. وسوف يكون على العالم المتآمر أن يدفع ثمن دماء غزة ويعيد بناءها ، وأن تتحمل عصابة بايدن ونيتانياهو تكاليف الوطن الذى استباحته يد الطغيان قتلا ودمارا ويكون إعلان القدس عاصمة للدولة الفلسطينية آخر سطر يكتبه التاريخ فى حرب غزة..

ـــ إن جرائم إسرائيل فى غزة والتى صمت العالم عليها يمكن أن تتكرر فى مناطق أخرى مادامت المؤسسات الدولية عجزت أن توقف هذه الجرائم ابتداء بمجلس الأمن وانتهاء بالأمم المتحدة، وكلها مواقف أسقطت الشرعية الإنسانية وحقوق الإنسان .. وقد يغرى الصمت العالمى دولا أخرى بأن تسير على نهج إسرائيل فى امتهان العدالة والإبادة الجماعية..

ـــ لقد خسرت إسرائيل الكثير فى غزة خسرت أكذوبة ضخمة حول الحلم الصهيونى الذى أصبح مستحيلا ولن يتحقق، خسرت مواكب التطبيع فى الدول العربية وأمام شعوب العالم، حتى فى الغرب خسرت صورة الدولة الصغيرة التى تعيش فى غابة من الأشرار فى قلب العالم العربي، لقد تكشفت حقيقة إسرائيل واتضحت صورتها الوحشية، إمام العالم كله، وأصبح من الصعب أن تكذب مرة أخرى أو تزيف حقيقتها..

ــــ إن درس الحرب فى غزة أيقظ ضمائر كثيرة فى العالم وقد يكون ذلك أكبر إدانة لإسرائيل فى وقت تواطأت فيه الحكومات وأصحاب القرار ولكن المؤكد أن قضية فلسطين قد عادت مرة أخرى تفرض نفسها وتعيدها إلى ما بقى من الإنسانية فى هذا العالم.

ـــ إن الأحداث الكبرى هى التى تصنع التاريخ وهو الذى يكتب كل ما يجرى، والتاريخ لا يكتبه الدجالون ولكن يكتبه الشرفاء ، وحين يكون الدم هو المداد وهو الثمن يصبح التاريخ الحكم العادل ولهذا فإن غزة تنتظر إنصاف التاريخ بعد أن خذلها عالم متآمر والجبروت الصهيونى وتوابعه يجتاحون بيوتها ويقتلون أطفالها..

ـــ سوف ينصب التاريخ محاكمة عادلة ينصف فيها دماء الشهداء ويلعن كل من صمت أو تآمر أو شارك فى هذه الجريمة .. وإذا كان العالم قد مات ضميره فسوف تخرج من أطلال غزة صرخات الشهداء فى قبورهم تلعن زمن التوحش والقتل والإرهاب، وسوف يكون حكم التاريخ عادلا لأن التاريخ لا ينسى ..

 

..ويبقى الشعر

مَاذا تـَبـَقـّى مِنْ بلاد الأنـْبَياءْ..

ماتتْ من الصَّمتِ الطويل خٌيولنا الخرْساءْ

وَعَلى بقايا مجدِها المصْـلـُوب..

ترتعُ نجْمة ٌسوداءْ

فالعَجْزُ يحْصُدُ بالرَّدى أشجَارَنا الخضْرَاءْ

لا شَىْءَ يبْدُو الآن بيْنَ ربٌوعنـَا

غيْر الشـَّـتاتِ.. وفرقـْة الأبناءْ

والدَّهرُ يرسُمُ

صُوْرة العجْز المهين لأمَّةٍ

خرجَتْ منَ التاريخ

واندفعتْ تهَرْولُ كالقطيع..

إلى حِمَى الأعدَاءْ ..

فى عَيْنها اختلطتْ

دماءُ النـَّاس.. والأيـَّام.. والأشـْياءْ

سكنتْ كهُوفَ الضَّعْفِ

وَاسترختْ على الأوهَام..

ما عَادَتْ ترى المْوتى من الأحْيَاءْ

كـُهَّانـُها يترنـَّحُونَ على دُرُوب العَجْز..

ينتفضُونَ بَيْنَ اليأس.. والإعْيـَاءْ

>>>

مَاذا تبقـَّى منْ بلادِ الأنبياءْ ؟

منْ أىِّ تاريخ ٍ سنبْدأُ

بعْد أنْ ضاقـَتْ بنا الأيـَّامُ

وانـْطفأ الرَّجَاءْ

يَا ليَـلة الإِسْراءِ عُودِى بالضِّياءْ

يَتسلـَّـلُ الضَّوْءُ العنيدُ من البَقيع

إلى رَوَابى القـُدْس..

تنـْطلق المآذنُ بالندَاءْ

وَيُطلُّ وجْهُ مُحمَّد

يَسْرى به الرَّحمنُ نـُورًا فى السَّمَاءْ ..

اللهُ أكـْبَرُ منْ زَمَان العَجْز ..

منْ وَهَن القــُلـُوبِ.. وَسَكرَةِ الضُّعفـَاءْ

اللهُ أكـْبرُ من سٌيوفٍ خانـَهَا

غدْرُ الرِّفاق .. وخسَّة الأبْنـَاءْ

جلبَابُ مَرْيَمَ..

لمْ يزلْ فوْق الخليل يُضىءُ فى الظلمَاءْ

فِى المهْد يَسْرى صَوْتُ عيسَى..

فى رٌبوع القدْس نهْرًا منْ نقاءْ

يا ليـْـلة الإسْراء عُودى بالضِّيَاءْ

هُزّى بجذع النـَّخـْـلةِ العَذراءْ

يسَّاقط الأملُ الوليدُ..

على رٌبوع القدْس..

تَنـْتفِضُ المآذِنُ.. يُبعثُ الشُّهَدَاءْ

تتدفَّقُ الأنهَارُ .. تشـْـتعلُ الحَرَائقُ..

تستـْغيثُ الأرْضُ..

تهْدرُ ثوْرَة الشرفـَاءْ

يا ليْـلة الإسْراءِ عُودى بالضِّياءْ

هُزِّى بجذع النـَّخلةِ العذْراءْ

رَغْمَ اختناق الضَّوْء فى عَيْنىِ

وَرَغْم الموتِ .. والأشلاءْ

مَازلتُ أحْـلمُ أن أرَى قبل الرَّحيل..

رَمَاد طاغيةٍ تناثرَ فى الفضَاءْ

مَازلتُ أحْـلمُ أن أرى فوْق المشانِق..

وَجْهَ جلادَّ قِبيح الوجْهِ تصفعُهُ السَّمَاءْ

مازلتُ أحْلمُ أن أرى الأًطفَالَ

يقتسِمُون قُرْص الشـَّمْسِ

يخـْـتبئون كالأزْهَار فى دِفْءِ الشـِّتاءْ

مَازلتُ أحْـلمُ..

أنْ أرى وطنـًا يعانقُ صَرْختِى

وَيثورُ فى شَمَم ٍويرْفضُ فى إباءْ

مَازلتُ أحْـلمُ

أنْ أرَى فى القـُدْس يوْمًا

صَوْتَ قـُدَّاس ٍ يُعانقُ ليلة الإسْرَاءْ

وَيُطلُّ وجْهُ الله بَيْن رٌبوعِنا

وتعودُ أرضُ الأنبياء

من قصيدة «ماذا تبقى من بلاد الأنبياء» سنة 2000

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة الصامدة وكلمة للتاريخ غزة الصامدة وكلمة للتاريخ



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 08:59 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح

GMT 21:14 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المساكني لاعب الشهر في الدوري القطري

GMT 06:45 2012 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

الصحافي هو الجندي المجهول ويجب توفير حقوقه

GMT 19:56 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

صيحات جمالية للشابات من ديما الأسدي لإناقة دائمة

GMT 15:48 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

مصر تتوج بلقب البطولة الإفريقية للكانوي والكياك

GMT 15:54 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

مطلوب لكبرى المدارس الاميركية في السعوديه جده

GMT 10:34 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

مديحة كامل

GMT 20:48 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ثغرة خطيرة فى iPhone X تسمح للقراصنة بسرقة الصور المحذوفة

GMT 20:32 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

علي مبخوت يؤكّد أنّ الأهم هو تحقيق الفوز

GMT 12:02 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

طلاب التعليم العام يزورون كلية الهندسة في جامعة بيشة

GMT 04:13 2016 الإثنين ,02 أيار / مايو

أسباب تأجيل WWE صعود نجمها لعروضها الرئيسية

GMT 05:10 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

قبرص رفاهية المتعة وعبق التاريخ في مكان واحد

GMT 15:54 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"ذي بودي شوب" تطلق عطر "المسك الأحمر" الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab