بقلم : منى بوسمرة
بدأ ملف التوطين يأخذ صدارة الاهتمام والمتابعة الرسمية، حيث بدا واضحاً أن الملف ومع انعقاد أول اجتماع للجنة متابعة تنفيذ رسالة الموسم الجديد التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد الذي وضع فيها ملف التوطين فوق كل الملفات على أجندة الحكومة، تم تركيبه على نار حامية، وأن إجراءات حاسمة في الطريق.
من تصريحات الشيخ منصور بن زايد، رئيس اللجنة، التي اعتبر فيها أن المؤسسات التي تتهاون أو تتلاعب في أرقام التوطين هي جهات تطعن في أمن الوطن واستقراره، نفهم أنْ لا مجاملات على حساب الوطن أو التلاعب بمكتسباته، وأن إجراءات فعّالة يتم إعدادها، وأن القضية مسؤولية وطنية جماعية، وأن معالجات هذا الملف يجب أن تكون شفافة وصادقة، تستند لتفكير جديد وآليات مبتكرة ومبادرات مختلفة عن كل ما سبق.
من هذا المنطق بدأت «البيان» قبل أيام سلسلة من الحلقات عن هذا الملف، تجتهد فيها بتشخيص المشكلة والمساهمة في جمع أكبر قدر من بيانات التوظيف سواء في القطاع الخاص أو العام، من دون إغفال النجاحات اللافتة التي حققتها العديد من المؤسسات في القطاعين باعتبارها نموذجاً يُحتذى.
لكن من المؤسف أن نقول إن ما رصدناه حتى اليوم يكشف عن قضية متشابكة في غياب قاعدة بيانات موحّدة تقدم، أرقاماً حقيقية عن الواقع، ما يعكس الحاجة لتوحيد البيانات المحلية والاتحادية حتى يتضح حجم القضية، وكان من المفاجئ والصادم حقاً أن يكشف المسح الذي أجرته «البيان» ونشرته أمس وأحدث صدى وطنياً إيجابياً عن نسبة توطين في شركات وطنية كبرى لا تتجاوز 1%، بل إن بعضها استقر عند الصفر.
المفيد في بيانات المسح أنها تضغط على الجرح في بعض الشركات، لتكشف مدى عمقه، وتقدم لصانع القرار الواقع كما هو، ليكتب الدواء من داء عدم التوطين، ولن تكتفي «البيان» بما نشرته، بل ستعلن مسحاً سنوياً، للشركات المدرجة في أسواق المال والشركات شبه الحكومية والمجموعات الوطنية الكبرى، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والرقابية.
من المهم أن تتلقف الشركات الوطنية والقطاع الخاص عموماً الرسالة سريعاً وتقرأ مضامينها، وأن تبدأ المعالجات اللازمة من غير تلاعب أو تهاون، بل بمسؤولية جادة، وأن تتعامل مع المسألة باعتبارها واجباً وطنياً مرتبطاً بأمن الوطن، وليس مسألة تجارية خاضعة لآليات السوق بالربح والخسارة، وأن تتوقف عن التذمر واختلاق الأعذار والمبررات غير المقنعة.
هل وصلت الرسالة؟ ننتظر الفعل.