بقلم - أسامة الرنتيسي
قد يكون السؤال مبكرا، لكن فعلا هل نتخيل أن العالم بعد اليوم الثاني من انتهاء حرب وباء جائحة غول الكورونا مثلما كان قبله؟!.
الجواب بالتأكيد لا؛ لأن العالم الذي يقف على قدم واحدة، كل العالم، لن يعود إلى طبيعته وشكله وخصائصه وتحالفاته مثلما كان سابقا.
لقد غيرت الكورونا تفاصيل حياة البشر في كل أصقاع الأرض، فهل بعد تجاوز المحنة سيعود الإنسان إلى سابق عهده.
عالم إنساني آخر سوف يشهده من يعيش بعد عصر إنتهاء الكورونا، طالت أم قصرت، هذه علمها عند الله وحده، وليس عند علم بني البشر الذين حاموا في ملكوت الدنيا بحثا عن كل الطرق تفكيرا في الحياة.
في أيام الكورونا ظهرت اشكال عديدة من طرق التفكير، هناك من يؤمن حتما أنها معركة بيولوجية ونحن فقط فئران لتجاربها، وهي بين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين في العالم أميركا والصين.
وهناك من يرفض هذا التفكير نهائيا، ويبحث مع من يبحثون في العالم لإيجاد مصل سريع يوقف هذا الوباء بعيدا عن التفكير المؤامراتي الذي يؤمن أن القرار في يد الحكومة الخفية التي تدير العالم.
هناك من يبث فيديوهات ومعلومات أن الكورونا ليست جديدة اعتمادا على فيديو جاء في فيلم سينَمِيٍ او تحقيق في مجلة، أو اغنية ذكرت كلمة كورونا.
عشرات بل مئات الفيديوهات تصل هواتفنا جميعا عن آخر المعلومات حول محاربة العالم للكورونا، تصريحات للسياسييين وقادة دول، وتعليقات لعلماء يفسرون الفايروس، وأخبار عن الوصول إلى مضاد له، كان أبرزها بالأمس العلاج الصيني الذي اعتمدته عدة دول من بينها الكويت بناءً على كتاب لمسؤول كويتي انتشر كثيرا إن كان صحيحا.
أبرز يوميات الكورونا؛ أردنيا في الأقل، أن جزءًا كبيرا من الناس حتى الآن غير ملتزمين بتعليمات الحكومة، ويمارسون حياتهم كالمعتاد، وهذا ليس سلوكا حميدا، نتمنى أن نصل إلى سلوك جمعي قبل أن نصله بالقرارات القاسية الأخرى ومنها فرض ساعات حظر التجول.
من أبرز ما لفت نظري في حوارات ومساجلات ومجادلات وسائل التواصل الاجتماعي الرفض العام لخطاب الكراهية، فعندما نصل إلى مستوى أن يرفض معظمنا أن يكتب أحدٌ على وسائل التواصل جملة “الله يرحم أموات المسلمين…” فيتصدى لهم مشايخ وكتاب إسلاميون متنورون أن طلب الرحمة يجب أن يكون للجميع لأن الفايروس لا يفرق بين مسلم ومسيحي ويهودي، سنّي او شيعي، ارثوذكسي او كاثوليكي، عندها نشعر أن العالم القادم هو عالم الإنسانية عموما، والأوطان للجميع، والدين لله..
أمعقول بعد كل هذا أننا سوف نعود في اليوم الثاني لنهاية وباء الكورونا إلى الاقتتال الطائفي، والحروب العرقية، والتوحش الاقتصادي على حساب الإنسان وكراماته.
الدايم الله….