بقلم :أسامة الرنتيسي
لا أتحركش في رابطة الكتاب الأردنيين وانتخاباتها التي بدأت توضع على النار، بعد أن نشر قبل يومين الشاعر سعد الدين شاهين تبليغا عن قرار الترشح قال فيه:
“الزميلات .. الزملاء أعضاء رابطة الكتّاب الأردنيين .. بيت الثقافة والمثقفين ممثلتكم وممثلة وجه الأردن الثقافي في كل المحافل الثقافية في الداخل والخارج ومن أجل أن تبقى كذلك قبلت ترشيح تحالف التيارين الثقافي الديمقراطي – والقومي الديمقراطي لي لرئاسة قائمة التحالف الموحدة للدورة المقبلة مع نخبة من الزملاء الذين يأملون دعمكم ومؤازرتكم لتأدية واجب خدمتكم ورفعة شأن رابطتنا وفروعها في المملكة . وقائمتنا * سعد الدين شاهين – أحمد الطراونة- محمد المشايخ – أكرم الزعبي – مريم الصيفي – محمد خضير مخلد بركات – د. عمر ربيحات – نزار سرطاوي – ريا الدباس – محمد جمال عمرو -… نعاهدكم أن نكون للرابطة ولجميع أعضائها وستكون محبتكم هي الأمان للعمل الجاد”.
مع كل الاحترام والتقدير للصديق شاهين وقائمته الانتخابية، هل بات حال رابطة الكتاب فعلا بيت الثقافة والمثقفين وممثلتكم وممثلة وجه الأردن الثقافي….
هل هذه هي رابطة الكتاب التي كانت تتصدر المشهد الثقافي والسياسي في عز الأحكام العرفية حتى ضاق بها صدر السلطة وقررت إغلاقها بقرار عُرفي صادر من الحاكم العسكري الأردني، وذلك في 17 يونيو 1987.
هل هذه هي رابطة الكتاب الاردنيين التي تأسست سنة 1974 وكانت منارة الفعل الثقافي والسياسي والحزبي وذات البصمات في الفعل الثقافي العربي.
بالتأكيد؛ نحن في حالة تراجع في كل مفاصل الحياة العامة ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا، لكن حالة التراجع الكبيرة التي تعيشها الرابطة منذ سنوات، شيء يُحزن القلب، ويدفع المرء لفتح خزانة الذكريات حول الدور الذي كانت تصنعه الرابطة.
لا تزال الذاكرة تختزل المشهد في يوم 15 ديسمبر 1989 عندما تقرر إعادة فتح رابطة الكتاب بعد نحو سنتين من الإغلاق القصري، ليلتها جاء للاحتفال عضو الهيئة الإدارية للرابطة من معتقله المرحوم سالم النحاس، وكان الدكتور خالد الكركي نجم الاحتفال بصفته الرئيس الشرعي للرابطة.
غياب الرابطة ليس فقط عن الفعل الثقافي العام، فلا ندوات نوعية، ولا مشاركات تعيد الألق لصورة الرابطة المخزنة في ذاكرتنا.
لا أدري متى كان آخر مؤتمر ثقافي نظمته الرابطة، وحظي باهتمام نخبوي وإعلامي وثقافي وأدبي.
لم تحافظ الرابطة إلا على وجودها في جبل اللويبدة، قابضة على سفح جميل لأجمل جبال عمان، لكن من دون حياة ثقافية حقيقية، فقط صراع انتخابي بين قائمتين لم يعكس إنتاجا أدبيا وثقافيا لمصلحة الحالة الثقافية عموما، ولا حتى لمصلحة الحياة المعيشية لأعضاء الرابطة الذين يتجاوز عددهم الألف وأكثر.
بصراحة أكثر، لقد خطفت مؤسسات ثقافية جديدة في المشهد الثقافي العام دور رابطة الكتاب، وأخص بالذكر بيت الثقافة والفنون بقيادة الشاعرة الدكتورة هناء البواب الذي يضج يوميا بالثقافة والأنشطة عموما في كل محافل الفعل الثقافي كان أخرها تسيير قافلة ثقافية بحضور مهيب لاستعادة روح زياد قاسم الحاضرة في “أبناء القلعة” والمشاركة في “الزوبعة”.
هل يعلم عموم أعضاء الرابطة أن الحكومات الأردنية المتعاقبة اضطرت إلى صناعة مؤسسة ثقافية أخرى لمنافسة رابطة الكتاب، لم يتعامل معها الجسم الثقافي والسياسي والحزبي عموما لسنوات طوال، ولم يتم الاعتراف بها حتى الآن، ومع هذا فإنها الآن أنشط ثقافيا في الفعل الثقافي الأسبوعي وحضور النخب إلى أمسياتها من رابطة الكتاب الأردنيين التي لا نُحب أن نراها خاوية من النشاط الثقافي، ويقتصر عمل ما تبقى من نشطائها على الفعل الانتخابي لمدة شهر، وبعد ذلك تعود الأمور إلى حالة السكون والموت السريري.
الدايم الله….