امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي

امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي

امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي

 السعودية اليوم -

امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي

عبد الباري عطوان

تصريحات الجنرال رايموند اوبيرنو رئيس هيئة اركان الجيش الامريكي، الذي احيل الى التقاعد قبل ايام، وقال فيها ان تقسيم العراق هو الحل الوحيد لم تكن زلة لسان، وانما انعكاس لاستراتيجية امريكية تسير بخطى متسارعة في المنطقة العربية بأسرها، بدأت في العراق وامتدت الى سورية، وتتكرس في اليمن، ومن غير المستبعد ان تنتقل قريبا الى المملكة العربية السعودية كمرحلة لاحقة، بعد ان ينتهي دورها بشكل او بآخر في سورية واليمن.

نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج تحدث عن المخطط نفسه قبل شهرين عندما توقع تقسيم سورية الى ثماني او تسع دول، ومصر الى دولتين، والعراق الى ثلاثة، والسودان الى اربع، وليبيا الى خمس امارات او اكثر، ولم يتطرق الى المملكة العربية السعودية لتجنب اغضاب قيادتها، حرصا على التحالف القوي بين البلدين في الوقت الراهن.

من الواضح ان الولايات المتحدة الامريكية التي ظلت حتى عقد العشرينات والثلاثينات من الشهر الماضي تعارض التقسيم وتفضل الفيدراليات على غرار نموذجها التوحيدي، باتت اكثر ميلا وتبنيا للسياسات التي اتبعتها بريطانيا اوائل القرن الماضي، اي تقسيم المنطقة العربية الى كيانات ضعيفة، واقامة دويلة او امارة فوق كل بئر نفط يتم اكتشافه في الجزيرة العربية.

***
العراق طوال القرن الماضي نحج في تكوين دولة قوية بهوية عربية مستقلة، تذوب في اطرها المذاهب والقوميات، وصمد في وجه كل مخططات التقسيم والتفتيت، ولكن تآمر دول عربية عليه مع الولايات المتحدة والغرب، من خلال نصب مصيدة الكويت وحصاره وتجويعه، واغراق الاسواق بملايين البراميل من النفط، لتخفيض الاسعار الى اقل من عشرة دولارات للبرميل، وبعد ذلك احتلاله وبذر بذور التقسيم الطائفي له، والآن جاء وقت الحصاد، اي اقامة دول ثلاث وفق هذا التقسيم، واحدة سنية واخرى شيعية، ثالثة كردية، تحت ذريعة فشل هذه المكونات الطائفية والعرقية في التعايش، والحل الافضل هو الطلاق النهائي.

من المؤسف ان البديل الامريكي لنظام الرئيس صدام حسين كان بديلا طائفيا برموز مذهبية ومشاركة عملاء جرى تجنيدهم من قبل المخابرات الامريكية والبريطانية ومعظمهم من طائفة واحدة استغلالا لاحقادهم على النظام البعثي السابق، وبعد ان نجحت الخطة الامريكية في اسقاط النظام وتكريس التقسيم الطائفي، جرى الاستغناء عن هؤلاء جميعا دون استثناء، ولم يعد لهم اي دور في “العراق الجديد”، اين الدكتور احمد الجلبي، واين الدكتور اياد علاوي، اين الشريف علي بن الحسين، واين عدنان الباجهجي، وحتى اين نوري المالكي الآن، والقائمة طويلة.

في سورية تكرر السيناريو نفسه، وعملية التجنيد نفسها، والرموز متشابهة، بل متطابقة، والنتيجة دمار وشلل كاملين، فلا النظام استطاع حسم الحرب لصالحه من خلال تبنيه الحلول الامنية، ولا المعارضة المسلحة نجحت في اسقاطه طوال اربعة اعوام من الدعم الخارجي بالمال والسلاح، وجاء البديل للاثنين، اي النظام والمعارضة، تنظيمات اسلامية متشددة، وابرزها “الدولة الاسلامية”، استغلت هذا الشلل وبنت دولها وجيوبها واماراتها على الارض السورية، وباتت تشكل التهديد الاكبر للمنطقة بأسرها.

فاذا اخذنا “الدولة الاسلامية” كمثال، فان تحالف ستين دولة ضدها بقيادة الولايات المتحدة، وشن اكثر من خمسة آلاف غارة جوية في اقل من عام على قواعدها وتجمعاتها، يؤكد مدى قوتها وخطورتها في الوقت نفسه، بعد ان اقامت دولة امر واقع، ونجحت في تكوين حاضنة شعبية لها في زمن قياسي قصير في اقل من عام.
***

لم يقل لنا الجنرال اوبيرنو ما ذا كان تقسيم العراق الذي يقترحه يشمل “الدولة الاسلامية” التي تقام حاليا على مساحة تشكل نصف العراق ونصف سورية، الى جانب الدول الكردية والسنية والشيعية الثلاث المقترحة، ولكننا لا نستبعد ان تكون ضمنيا في صلب مخططات بلاده التي اعترفت قبلها بدولة الطالبان، واوعزت لحلفائها في السعودية وباكستان ودولة الامارات العربية المتحدة بالاعتراف، بها وفتح سفارات لها في عواصمها.

مخطط التقسيم والتفتيت الجديد الذي تنخرط فيه حكومات عربية بكل قوة، ما كان له ان يمر في ظل وجود عراق قوي بهوية توحيدية عربية جامعة، عراق عابر للطوائف والاثنيات، يجسد التعايش عموده الفقري.

نشاهد مخاضا جديدا في العراق يتمثل في ثورة للشباب على الفساد والظلم وسياسات الاقصاء.. ثورة ضد ثقافة من جاءوا على ظهر المخطط الامريكي، ومهدوا للدبابات الامريكية طريق الاحتلال، ونأمل ان تستمر هذه الثورة وتنتصر، وتجرف كل عفن السنوات الـ 12 الماضية التي بدأت بالاحتلال الامريكي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي امريكا تعترف ضمنيا بأن تقسيم العراق هو الحل النهائي



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 16:59 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

بسمة تحسم الجدل حول مشاركاتها في موسم دراما رمضان المقبل
 السعودية اليوم - بسمة تحسم الجدل حول مشاركاتها في موسم دراما رمضان المقبل

GMT 06:13 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:08 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 19:05 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 11:32 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 00:15 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

سوء التصرف بين الزوجين قد يحول حياتهما إلى الخطر

GMT 14:31 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

الفنان اللبناني رامي عياش يرزق بمولودة جديدة

GMT 22:39 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الترجي التونسي يُعلن إصابة هيثم الجويني وابتعاده 15 يومًا

GMT 15:23 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

"الأهلي" ينفرد بصدارة الدوري المصري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon