الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله»

الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله»

الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله»

 السعودية اليوم -

الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله»

مصطفى فحص

تعهد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في أول كلمة رسمية له بعد مبايعته ملكا، بالتمسك بالنهج الذي سارت عليه الدولة السعودية منذ تأسيسها، في إشارة واضحة وصريحة إلى أنه لا تغيير في السياسة الخارجية، وأن الرياض متمسكة بالمواقف التي أرساها المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز في السنوات الأخيرة، حيث سقطت الرهانات بأن مواقف الرياض مرحلية وقابلة للتحول مع تبدل صناع القرار، وبأن رحيلهم سيدفعها إلى التراجع عن بعض مواقفها أو إظهار الليونة في بعضها الآخر.
أثبتت الوقائع حجم التأثير السعودي في رسم السياسة الخارجية للمنطقة، وتحديد أدوار اللاعبين أو أحجامهم، فتمكنت المملكة من إعطاء المجال الحيوي الإقليمي بعدا دوليا، بعد أن قلم هبوط أسعار النفط أظافر كثيرين اعتقدوا أنهم يذبحون بأظافرهم، مما زاد من تأثيرها على السياسات الدولية، فأصبح دورها ما فوق الإقليمي، المستفيد من عولمة الاقتصاد، يوازي دور بعض الدول الكبرى.
تتعامل الرياض المستقرة اقتصاديا وسياسيا مع الملفات العربية والإقليمية، من موقع التصدي لمحاولات التدخل في الشؤون العربية الخاصة، وإن انشغلت أوساط سياسية وإعلامية دولية وإقليمية، بالترويج بأن الرياض مقبلة على مرحلة انتقالية، مما سوف يدفعها إلى إهمال بعض القضايا الخارجية، إلا أن سرعة انتقال السلطة والطريقة السلسة التي تمت فيها، أو اختصار الوقت وعدم السماح بوجود أي نوع من الفراغ، كان بمثابة رسالة للجميع، بأن سرعة الانتقال ستنعكس مباشرة على السياسة الخارجية التي سوف تستمر على النهج نفسه.
بين يدي القيادة السعودية الجديدة ما يمكن تسميته «وديعة عبد الله»، وهي ثوابت السياسة الخارجية السعودية القائمة على حماية المصالح العربية المشتركة، ومن ضمنها الأمن والاستقرار في الخليج وحماية الأمن القومي السعودي الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى عامل قوة وارتكاز للأمن القومي العربي، بعد أن أصبحت المملكة مركز الثقل في مواجهة مشاريع الهيمنة التي تحاول فرض إرادتها على المنطقة، ومنبر التصدي لمشاريع الإسلام السياسي السني والشيعي. فمنذ تأسيس المملكة لعبت الدبلوماسية السعودية دور الاحتواء لأغلب الأزمات التي مرت بها المنطقة العربية، ابتداء من حركات التحرر العربي زمن المد الناصري، إلى مرحلة تصدير الثورة الإيرانية، وصولا إلى فوضى الربيع العربي. لكنها وقفت بحزم خلف مطالب الشعب الفلسطيني المحقة ودعمت خياراته التفاوضية دون مزايدة على الشعب الفلسطيني.
خط سير سياسات المملكة واضح ومستقيم في علاقاتها الإقليمية والدولية، ولا تعتريه أي مواربة؛ فلا يوجد في المملكة من يكن الكره أو الضغينة للشعب أو الدولة الإيرانية، بل يطمح الجميع إلى علاقة حسن الجوار معها. لكن ذلك لا يمنع القيادة السعودية من الوقوف بوجه تدخلات نظام طهران في الشؤون العربية الداخلية من دمشق إلى بغداد، مرورا ببيروت وصنعاء، وصولا إلى غزة. وإن بدت الرياض متحفظة إزاء تحولات الربيع العربي، إلا أن الموقف الأخلاقي يدفعها إلى رفض أي تسوية تبقي على رأس النظام السوري بعد أن ضرب شعبه بالكيماوي وقتل 300 ألف مواطن وجرح ما يزيد على 500 ألف وتسبب بتشريد 10 ملايين.
وخلافا لما تدعيه طهران بأن الرياض مرتابة من أي تقارب إيراني - أميركي، فإن المملكة ترحب بحل سلمي للمشروع النووي الإيراني، لكنها لا تقبل أن يكون ثمن الحل إطلاق يد طهران في المنطقة.
بالمقابل، تحول توافد كبار قادة العالم للتعزية في رحيل الملك عبد الله، إلى مشهد يعبر عن حجم الدور الخارجي الذي لعبته المملكة في زمنه وستستمر بلعبه مع خلفه، مدعوما باستقرار داخلي في منطقة تسودها الفوضى والاضطرابات، وعالم يعيش على وقع جنون التطرف والسقوط الجنوني لأسعار الخام، حيث تنفرد المملكة بامتلاك جزء كبير من أوراق الحل، من الحرب على الإرهاب إلى إنقاذ اقتصاد بعض المعتمدين في سياساتهم التوسعية على عائداتهم النفطية شرط العدول عن مشاريعهم. في الفضاء السياسي للمملكة لا شيء يرتفع فوق رايات الاعتدال، والذي يدعي البحث عن تسويات وحلول فما عليه إلا الانضواء تحت لوائها، وإلا فوّت فرص الخروج من نفق الأزمات المفتوحة على مزيد من المآزق.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله» الثوابت السعودية أو «وديعة عبد الله»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab