شياطين الفراغ

شياطين الفراغ

شياطين الفراغ

 السعودية اليوم -

شياطين الفراغ

بقلم - مصطفى فحص

بين مبعوث أوروبي يغادر وآخر عربي يصل، تضيق مساحة الحوار بين القوى اللبنانية (موالاةً ومعارضة) وتتسع مساحة الفراغ، ولكن في الحالة اللبنانية تأخذ الأزمة السياسية المستمرة منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية منحى مختلفاً هذه المرة إذ ينتقل لبنان من الفراغ السياسي إلى فراغ أمني يصعب احتواؤه أو التكيف معه كما جرى مع الفراغ السياسي.

في أقل من 48 ساعة حصلت في لبنان حوادث أمنية عدة متفرقة جغرافياً مختلفة في الشكل ولكنها يمكن أن تكون متصلة نوعاً ما سياسياً، لديها انعكاسات مباشرة على الوضع العام المُهدد أصلاً بإمكانية بقائه مستقراً، الأمر الذي يعيد إحياء مبدأ الأمن الذاتي المبنيّ في الذاكرة اللبنانية على خلفية الخوف من الآخر القريب وعدّه تهديداً وجودياً للآخر المختلف القلق أصلاً على وجوده ومصيره، لذلك فإن الأخطر في العلاقة ما بين الطوائف اللبنانية وأحزابها السياسية في هذه المرحلة هو تراجع إمكانية التعايش معاً، أي سقوط الحد الأدنى مما تبقى من العيش المشترك الذي يمكن أن تفجره حوادث مقصودة أو بالصدفة، حيث يبدو أن الاحتقان الداخلي العام بين اللبنانيين بسبب الحالة الاقتصادية والخاصة بين أحزاب الطوائف بسبب صراعاتها على المكاسب، قد اقترب من مرحلة الاحتكاكات الخشنة.

سياسياً ودبلوماسياً إذا كان البعض يعد ما تعرضت له السفارة الأميركية مساء الأربعاء الفائت هو الرسالة الأخطر سياسياً في توقيتها التي قد تكون مرتبطة بالضغوط الخارجية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية من غير الأسماء التي تم التصويت عليها في مجلس النواب وممانعة الطرف الأقوى في التدخل لهذا الطرح، فإن ما قد يكون الأخطر على النسيج اللبناني الداخلي هي تداعيات مقتل مسؤول إقليم بنت جبيل السابق في القوات اللبنانية إلياس الحصروني في خراج بلدة عين إبل الجنوبية، فمنذ مقتله وبعد ظهور فيديو من إحدى الكاميرات يكشف عن أن الحادثة كانت مدبَّرة وأنها عملية تصفية وليس حادث سير، كما ورد في الرواية الرسمية وما تلاها من تشنجات ما بين أنصار القوى السياسية في تلك المنطقة المختلطة واتهامات غير مباشرة لجهات سياسية نافذة على الأرض بتصفيته، انتقل الاحتكاك ليكون ما بين الأهالي، حيث سجّل في الأسبوعين الأخيرين أكثر من حادث على الطريق العام ما بين بلدات عيتا وعين إبل وبنت جبيل، وكان آخرها قطع ملثمين الطريق المؤدية من بنت جبيل إلى عين إبل، والتي قد تزداد كلما تأخر الكشف عن مرتكبي جريمة الحصروني.

في سجل الأحداث الأمنية المتسارعة كشفت وسائل الإعلام عن تعرض مركز لحزب «القوات اللبنانية» في حوش الأمراء، منطقة زحلة البقاعية المختلطة أيضاً، لإطلاق نار من مسلحين في سيارة رباعية الدفع، وفي وقت سابق من فجر الخميس جرت اشتباكات ما بين فوج الحدود البرية وبعض المهربين، حيث يأتي هذا الاشتباك في الوقت الذي يحاول الجيش ضبط الحدود لمنع عبور اللاجئين السوريين الذين ازدادت أعدادهم في الشهرين الأخيرين بشكل لافت.

من الواضح أن الفشل في ملء الفراغ السياسي قد يؤدي إلى فراغ أمني يصعب التحكم به أو معرفة عدد المتحكمين به بسبب كثرة اللاعبين واختلاف أجنداتهم، لكن هذه الأحداث تبقى مرتبطة بحجم قدرة المؤسسات العسكرية والأمنية على التعامل معها، والأخطر أن تكون هذه الأحداث رسالة لهذه المؤسسات لكي تبتعد عن الأزمة السياسية ولا تطرح نفسها حلاً وسطاً بين الأطراف السياسية المتصارعة، خصوصاً أن هناك أطرافاً سياسية مستعدة للإطاحة بهيكليتها وإفراغ مناصبها بهدف الحد من دورها الوطني وإخراجها من المنافسة.

وعليه، منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية والحرب لم تنتهِ، حيث هناك قائمة طويلة بحروب واغتيالات وأعمال عنف متنقلة، لكن كان هناك شبه دولة، أما الآن لا دولة ولا رجال دولة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شياطين الفراغ شياطين الفراغ



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab