موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

 السعودية اليوم -

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

لم تتردد النخب الروسية السياسية والإعلامية في الربط ما بين المظاهرات التي جرت في 65 مدينة ضد سلطة الكرملين، ودعا إليها المعارض ألكسي نافالني، وبين وصول الحزب الديمقراطي إلى السلطة في واشنطن، واتهمت الخارجية الروسية، السفارة الأميركية في موسكو، بالتحريض على الفوضى، وفي إدارة المظاهرات، وتم استدعاء السفير الأميركي في موسكو جون سالفان، لإبلاغه برسالة الامتعاض الروسية من تدخل السفارة في الشؤون الداخلية. عملياً لا يمكن الفصل بين الاتهامات الروسية لواشنطن، وطبيعة العلاقة المقبلة ما بين البيت الأبيض والكرملين، حيث يتوجَّس الأخير من العقيدة السياسية للمقيم الجديد في البيت الأبيض وما تحمله من رواسب الحرب الباردة، وإعادة اعتبار روسيا تهديداً أساسياً للولايات المتحدة.
بعد نهاية الحرب الباردة، حافظت إدارتا كلينتون وبوش الابن على منهجية استراتيجية موحدة في العلاقة مع موسكو، واستمرت النخب السياسية الأميركية بشقيها الجمهوري والديمقراطي في مواجهة الخطر الروسي بالمنهجية ذاتها التي واجهت بها الخطر السوفياتي، ولكن مع سياسة الانكفاء المفرط التي تبنَّاها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تشجعت موسكو على التحرك من أجل ملء الفراغ على الساحة الدولية، حيث وجد الكرملين الفرصة المناسبة لإعادة هيبة الدولة الكبرى، وإعادة النفوذ الروسي إلى ما كان يعرف بالمجال الحيوي السوفياتي، وتوسَّعت طموحات روسيا الأوروآسيوية مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، واندفعت إلى استعادة موقعها الأوروبي، مستفيدة من الانكماش في العلاقات الاستراتيجية بين ضفتي الأطلسي وتردي العلاقة ما بين إدارة ترمب والأوروبيين.
 

يعي الكرملين جيداً أنه سيواجه في السنوات المقبلة إدارة أميركية تختلف معاييرها، ليس فقط عن الـ12 سنة السابقة، بل حتى عن معايير كلينتون وبوش الابن، لذلك يتهيأ للتعاطي مع رئيس أميركي ينتمي في سلوكه وأدبياته لمرحلة الحرب البادرة، ولا يبدو لموسكو أن بايدن قد بدل انطباعاته عنها منذ أن زارها أول مرة في سبعينات القرن الماضي، والتقى قادة سوفياتيين كباراً، حينها كان من أبرزهم أندريه غروميكو، وحتى عندما زارها آخر مرة سنة 2011 والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، كانت عقيدة السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي واضحة في نقاشاته مع الجانب الروسي، وأصرَّ على تذكيرهم بأنه يمثل الدولة المنتصرة بالحرب الباردة التي يحق لها فرض هيمنتها على العالم، فقد لاحظ الروس في تلك الزيارة غياب الكيمياء بين الزعيمين حتى في نقاشاتهما، خصوصاً ما قاله لبوتين في ختام زيارته «إنني أنظر في عينيك ولا أعتقد أن روحاً لديك».
مما لا شك فيه أنَّ العلاقة الفاترة بين الرئيسين (بوتين وبادين) ستؤثر نوعاً ما على العلاقة ما بين البلدين، لكنها لن تصل إلى مستوى الصدام، لكن واشنطن ستحاول فرض شروطها على موسكو، والوقوف بوجه طموحاتها التوسعية، وستعزز حضورها على حدودها الأوروبية في بيلاروسيا وأوكرانيا، حيث يتهيأ الروس لمواجهة مع وزير خارجية بادين، أنطوني بلينكن، الذي دعا سابقاً إلى تسليح كييف في مواجهة الجماعة الانفصالية شرق أوكرانيا، المدعومة من موسكو، وإلى توسيع دور الناتو في جمهوريات أوروبا الشرقية والبلطيق، كما ترجح موسكو أن يقود بلينكن سياسة خارجية محافظة تعيد التوتر بين البلدين، خصوصاً في سوريا، حيث استخدم بلينكن أول مرة بشكل رسمي توصيف «الهولوكوست» على ما يجري في سوريا، وموقفه المتشدد من النظام السوري واتهام موسكو وطهران بتغطية ارتكاباته ضد الشعب السوري.
في عام 2018، نشر الرئيس بايدن مقالاً في مجلة «الشؤون الخارجية» بعنوان «كيفية الوقوف في وجه الكرملين... الدفاع عن الديمقراطية ضد أعدائها»، دعا فيه إلى تشديد العقوبات ضد روسيا، وإلى تعزيز القوة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، ودعم الديمقراطية، والدفاع عن حق الدول ذات السيادة في «اختيار تحالفاتها الدفاعية»، ورفض القول بأن أي قوة لها «مجال مصالح». ففي سياق صراع المصالح من المرجح أن تعتمد إدارة بادين بالتوافق مع مؤسسات صنع القرار الأميركي، خصوصاً في مجلس الشيوخ، سياسة متشددة في التعامل مع تصرفات موسكو على الصعيدين الداخلي، فيما يتعلق بالمعارضة وملفات حقوق الإنسان، والخارجي وله علاقة بمعاقبة موسكو على وقوفها إلى جانب أنظمة ديكتاتورية ضد شعوبها، والتخطيط لحصارها جيوسياسياً بهدف عزلها.
وعليه فإن احتمالات الانفراجة في العلاقة بين البلدين تتضاءل نتيجة حذر روسي ومخاوف مشروعة من مخططات أميركية مع الأوروبيين تهدف إلى تقويض نظامها في السنوات المقبلة كضرورة استراتيجية ضمن الاستعدادات الغربية لمواجهة الصين.

 

arabstoday

GMT 22:58 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عالم الحلول

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 16:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

داعش يصف مقتل 15 شخصا في هجوم سيدني بالمفخرة
 السعودية اليوم - داعش يصف مقتل 15 شخصا في هجوم سيدني بالمفخرة

GMT 16:39 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمرو دياب يتصدر قائمة أكثر الأغاني رواجًا في 2025
 السعودية اليوم - عمرو دياب يتصدر قائمة أكثر الأغاني رواجًا في 2025

GMT 18:56 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور
 السعودية اليوم - اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور

GMT 12:22 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:42 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

البلجيكي باتشواي يوافق على الانتقال إلى "كريستال بالاس"

GMT 23:18 2015 السبت ,19 أيلول / سبتمبر

مهر العروس عرض عضلات أو شروط تعجيزية

GMT 16:23 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أنيس البدري يؤكد أن قرار إعادة مباراة الوداد ظالم

GMT 06:03 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

ترامب يسعى الى تأمين الدعم الداخلي لخوايدو

GMT 10:55 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رومينيغه يكشّف سبب هجومه على وسائل الإعلام

GMT 10:19 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

تعرفي علي 6 قطع أزياء هي الأكثر رواجاً لصيف 2018
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon