سوريا صراع «سوتشي ـ جنيف»

سوريا... صراع «سوتشي ـ جنيف»

سوريا... صراع «سوتشي ـ جنيف»

 السعودية اليوم -

سوريا صراع «سوتشي ـ جنيف»

بقلم : مصطفى فحص

على ما يبدو أن المؤشرات الإقليمية والدولية عن إمكانية التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية، خصوصاً بعد قمة سوتشي الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا، واجتماع المعارضة السورية في عاصمة المملكة العربية السعودية، المعروف بمؤتمر «الرياض 2» الذي رحبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بمقرراته، بدأت تواجه مجموعة عراقيل جدّية قد تطيح بمسارات التسوية، وتؤدي إلى عودة المفاوضات بين النظام والمعارضة إلى نقطة البداية.

وكان من المفترض أن يلتزم النظام السوري والدول الداعمة له الموجودة ميدانياً في سوريا بالتعهدات السياسية والعسكرية التي توصلت إليها في اجتماعات آستانة، وخلال اللقاءات الثنائية، إضافة إلى ما تم الاتفاق عليه في قمة سوتشي الثلاثية؛ لكن على ما يبدو أن موسكو بصفتها عرّابة الحل السوري، غير معنية جدّياً بتنفيذ التزاماتها؛ ذلك من خلال قيام طائراتها إلى جانب طائرات النظام بضرب فصائل الجيش الحرّ في الغوطة الشرقية، في أوضح اختراق لاتفاقية خفض التوتر، الأمر الذي يمكن اعتباره محاولة روسية للتملص من جزء من تعهداتها، كما يمكن وضعها في خانة الرد على المعارضة وبعض الفاعلين الدوليين الذين من خلال مواقفهم الرافضة لجزء كبير من بنود مؤتمر سوتشي، أرغموها على تأجيله إلى شهر فبراير (شباط) عام 2018. 

في المقابل لم تتأخر موسكو في الرد على ما يمكن وصفه بعرقلة مسار سوتشي، بعد أن أعلنت صحيفة «الوطن» السورية، التابعة لنظام الأسد، في عددها الصادر الاثنين الفائت، عن إرجاء وفد النظام السوري موعد سفره إلى مفاوضات جنيف إلى موعد يُحدد لاحقاً، دون إيضاح الأسباب (وفد النظام السوري يصل اليوم إلى جنيف - المحرر)، كما أن الصحيفة كشفت عمّا وصفته سخط نظام الأسد مما ورد في بيان المعارضة في مؤتمر «الرياض 2» الذي أكدت فيه أن «سقف المفاوضات رحيل النظام السوري».

في الشكل والمضمون، يبدو أن مسار جنيف ومسار سوتشي يسيران بشكل متواز، ما يجعل فكرة التقائهما مستبعدة، وهذا يدعو إلى استبعاد إمكانية الحل أو استعجاله، والسبب بات واضحاً، أن كل طرف يجد مصلحته في تغليب المسار الذي يرعى مصالحه، والذي يتطلب إفشال المسار الآخر أو تقويضه، وهذا ما حاول الرئيسان الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تأكيده، خلال محادثة هاتفية جرت بينهما نهار الاثنين، أكدا خلالها أن محادثات جنيف هي المنتدى الشرعي الوحيد لحل النزاع السوري. 

موقف الرئيسين الفرنسي والأميركي رسالة واضحة، ليس لموسكو فقط؛ بل لطهران وأنقرة، بأن مسار جنيف وحده يحظى بغطاء الشرعية الدولية والأمم المتحدة، وهو المخول اتخاذ القرارات والإجراءات من أجل إنهاء الصراع السوري، وفقاً لمقررات «جنيف 1»، والقرار الأممي 2254، اللذين أصبحت بنودهما تتضارب مع مصالح المحور الروسي، الذي يسعى من خلال مؤتمر سوتشي إلى فرض رؤيته للحل، المبنية على التمسك بإجراء إصلاح للدستور فقط، وتشكيل حكومة مصالحة وطنية تحت سقف النظام، وهو ما يمكن اعتباره شروطاً مسبقة يحاول نظام الأسد فرضها، ليس فقط على جولة المفاوضات الجديدة في جنيف؛ بل في كافة المسارات التفاوضية، لذلك يجد النظام وداعموه أن خيار سوتشي هو المخرج الوحيد للالتفاف على مقررات الشرعية الدولية، وذلك من خلال ربط سوتشي بالقمة الثلاثية التي جمعت الرؤساء بوتين وروحاني وإردوغان، واعتبارها الغطاء الذي يُمَكن النظام من الاستمرار في تعنته.

حتى اللحظة، نجحت المعارضة السورية في إفراغ مؤتمر سوتشي - إذا عقد أصلاً - من محتواه، وحولته إلى حوار بين النظام والنظام، وتمكنت واشنطن مع من تبقى لها من حلفاء في المنطقة من اعتباره مساراً روسياً إيرانياً أضيفت له تركيا نتيجة سوء علاقتها مع واشنطن والدول الأوروبية، وفي المقابل تحاول موسكو من موقع الأقوى مؤقتاً في المعادلة السورية فرض شروطها على مسار جنيف؛ لكي تصبح بنوده تتطابق مع أهدافها الطويلة الأمد في سوريا، وهدفها انتزاع رعاية حصرية للحل السوري من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بالطرق السياسية أو العسكرية التي تستخدمها الآن ضد المدنيين في الغوطة، بهدف تعطيل لقاء «جنيف 8». ورغم سيادتها على الملف السوري، فإنها تواجه عجزاً في احتواء التمكن الإيراني في سوريا، وقلقاً دائماً من التقلبات التركية المرتبطة بتحولات الملف الكردي، لذلك تحاول استثمار فرصتها الاستثنائية التي مكنتها من وضع طهران وأنقرة في خندق واحد، ولكن لفترة محدودة لا يبدو أنها قابلة للتمديد، نتيجة تراكم الخلافات مع واشنطن التي بدأت تلمح إلى مسار آخر في العلاقة معها في سوريا، مبني على عدد من الشروط السورية الداخلية والإقليمية الكفيلة بإنهاء فكرة سوتشي، وإعادة جنيف إلى المربع الأول.

arabstoday

GMT 11:59 2024 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

غزة ــ لبنان: بين فك الارتباط وفصل الاشتباك

GMT 09:00 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

الاغتيال وضوابط الاشتباك

GMT 15:33 2023 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان على كف... نتنياهو

GMT 10:17 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه

GMT 17:41 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا صراع «سوتشي ـ جنيف» سوريا صراع «سوتشي ـ جنيف»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab