ماتيس في بغداد هل يقلم أظافر طهران

ماتيس في بغداد... هل يقلم أظافر طهران؟

ماتيس في بغداد... هل يقلم أظافر طهران؟

 السعودية اليوم -

ماتيس في بغداد هل يقلم أظافر طهران

بقلم : مصطفى فحص

عاد الجنرال الأميركي السابق وزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس إلى العراق٬ إلى البلد الذي خاض فيه أشرس المعارك ضد «القاعدة» والميليشيات المسلحة٬ وعلى  الرغم من خلعه لبزته العسكرية٬ فإن زيارته إلى بغداد تتخذ طابًعا استراتيجًيا يمهد من خلالها لإعادة خلط الأوراق في العراق والمنطقة٬ بهدف إعادة ترتيبها وفقً لأولويات واشنطن العائدة بقوة إلى هذا البلد.

فخطوات ماتيس السريعة تجاه العراق٬ هي أقرب إلى رسالة أميركية موجهة لجهات إقليمية حاولت بسط نفوذها على المنطقة٬ بأن الولايات المتحدة منذ أن قررت توسيع نفوذها الدولي بعد الحرب العالمية الأولى حتى احتلال العراق٬ لم ولن تكون جمعية خيرية أو منظمة حقوقية ساعدت العراقيين على التخلص من نظام صدام حسين٬ الذي كانت تكلفة إسقاطه خسائر بالأرواح وصلت إلى قرابة 4 آلاف جندي٬ وأعباء مالية تجاوزت 4 مليارات دولار٬ ستقبل بسهولة التنازل عن مصالحها السياسية والاقتصادية في دولة مهمة في موقعها الجغرافي وغنية في ثروتها مثل العراق٬ لذلك من الطبيعي جًدا أن يرفض جنرال بمستوى ماتيس الذي تسلم قيادة المنطقة الوسطى الأميركية أثناء خدمته العسكرية٬ والذي يعرف حجم المكاسب التي ستجنيها بلاده من إعادة نفوذها إلى العراق٬ الاستمرار بسياسة الانكفاء التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والتي أدت إلى تراجع دورها في العراق٬ الذي تركته غنيمة بيد طهران وميليشياتها٬ ومرتًعا للمتطرفين.

من بغداد٬ نأى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بنفسه عن تصريحات سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول العراق٬ التي قال فيها: «إنه كان على واشنطن أن تسيطر على النفط العراقي٬ قبل أن تسحب قواتها من هذا البلد سنة ٬2011 وذلك لتمويل جهود الحرب ولحرمان المتطرفين من مصادر حيوية لتمويلهم»٬ وأصر على طمأنة العراقيين بأن لا أطماع لبلاده في نفطهم٬ حيث قال: «نحن في أميركا بشكل عام دفعنا لقاء الغاز والنفط٬ وأنا على يقين بأننا سنواصل القيام بذلك في المستقبل.

نحن لسنا موجودين في العراق للاستيلاء على نفط أحد»٬ فعلى ما يبدو أن الجنرال ماتيس الذي تعمد الحديث عن ثروات العراق بهذا الوضوح٬ أراد التأكيد للعراقيين أن قفزة نوعية في مستوى التعاطي ستتخذها الإدارة الأميركية الجديدة ستعجل في التأسيس لشراكة طويلة الأمد مع العراق تأخذ طابع التحالف الاستراتيجي بين البلدين٬ الذي سيحول العراق إلى إحدى أهم الركائز التي ستعتمد عليها حركة التغيرات المقبلة على المنطقة والتي ستحدد دور بعض الدول وطبيعة نظامها٬ ولذلك تعمد ماتيس الإشادة بالانتصارات التي يحققها الجيش العراقي ضد الإرهاب٬ ونوه بالتقدم الكبير الذي حققته القوات المسلحة العراقية في السنتين الأخيرتين وبتضحياتها وتمتعها بسمعة جيدة.

وعليه٬ من الطبيعي أن يربك هذا التوجه الأميركي الجديد طهران ويزيد من نسبة توترها٬ فالسمعة السيئة تلاحق ميليشياتها الطائفية المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي٬ وقرار واشنطن دعم الجيش العراقي في المرحلة التي بدأت تفقد السيطرة على قراره يشكل انتكاسة فعلية لنفوذها في العراق٬ فلم تنجح طهران منذ كارثة الموصل وقرار المالكي المشبوه بانسحاب وحدات الجيش أمام هجوم «داعش»٬ في تأسيس قوة عسكرية موازية تتحول مع الوقت إلى بديل عن الجيش الوطني٬ الذي بات الآن يتمتع بشرعية شعبية ورسمية من كل المكونات العراقية٬ حيث يرتفع احتمال تصادمه مع الميليشيات الطائفية٬ خصو ًصا بعد انتهائه من حرب الموصل وما بعد «داعش»٬ وهي ميليشيات باتت تمثل المصالح الإيرانية في العراق٬ وتشكل ذراع طهران السياسية التي تتسلط من خلاله على القرار السيادي العراقي.

لن يكون الساكن الجديد في البيت الأبيض متردًدا كأوباما٬ كما يعرف الجنرال ماتيس أنه أقل حذ ًرا في ردات فعله من زميله بترايوس٬ لذلك سيصعب على الجنرال قاسم سليماني التعامل معهما بالطريقة نفسها التي تعامل فيها مع أسلافهما٬ فماتيس لن تدفعه التحرشات الإيرانية إلى التراجع عن قراراته٬ ومن المرجح أن يرد على رسائل سليماني بالمثل وأكثر.

فيما خسرت طهران كثي ًرا من مصداقيتها ويشار إليها كأحد أهم عوامل عدم الاستقرار في العراق٬ تأتي زيارة ماتيس لبغداد في مرحلة أصبحت فيها واشنطن تشكل الضمانة للعرب السنة٬ ويتعمق تحالفها مع الأكراد ليصل إلى مستوى الشراكة٬ بينما تنقسم النخبة الشيعية بين خيار الدولة وخيار الميليشيات٬ فتصبح الفرصة متاحة أكثر أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي وفريقه العسكري والأمني في اتخاذ خطوات جريئة وصعبة٬ تخرج العراق من التجاذبات الإقليمية وتعيده إلى موقع الاهتمام الدولي٬ إذا استطاعت الدولة العراقية ومؤسساتها الخروج بأقل الخسائر من المواجهة الإيرانية الأميركية المحتملة٬ التي سيكون العراق واحًدا من ساحاتها.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 11:59 2024 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

غزة ــ لبنان: بين فك الارتباط وفصل الاشتباك

GMT 09:00 2024 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

الاغتيال وضوابط الاشتباك

GMT 15:33 2023 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان على كف... نتنياهو

GMT 10:17 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه

GMT 17:41 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماتيس في بغداد هل يقلم أظافر طهران ماتيس في بغداد هل يقلم أظافر طهران



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab