محمود مسلم
يبدو أن المتخصصين يحتاجون خلال هذه الفترة لإعادة تعريف وتفسير تهمة «الخيانة العظمى»، فعندما يخرج مساعد لرئيس الجمهورية فى تصريحات لجريدة «الجارديان» البريطانية، يقول نصاً: «مرسى سيظل رئيساً طالما أنه يحظى بدعم أمريكا»، كما أظهر مساعد الرئيس «الذى رفض ذكر اسمه ولم تنفِ الرئاسة» أن النظام كان يأمل فى استمرار حصوله على دعم الإدارة الأمريكية وأن الجيش لن يكون قادراً على التحرك إلى الأمام دون موافقة أمريكية.
عندما يتحدث مساعد رئيس الجمهورية بهذا الكلام ويستدعى الأمريكان رسمياً للتدخل فى الشئون المصرية، بل ويحتمى ويستقوى بهم ضد الشعب والجيش.. فإن الأمر يحتاج وقفة بعد أن نسى مرسى وإخوانه ما كانوا يرددونه بأن «الله» هو الذى اختاره وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قدمه ليؤمه فى الصلاة.. كما نسوا أنهم اكتسبوا شعبية جماهيرية على مدى سنوات عبر دغدغة مشاعر الجماهير بحرق أعلام أمريكا وإسرائيل، «التى اعتبروا رئيسها الصديق الوفى» وسبهما وتحقيرهما.
وبمناسبة صحيفة «الجارديان» التى انفردت عن سائر صحف العالم بحوار مع الرئيس قبل المظاهرات مباشرة، فهى التى انفردت أيضاً بتسريب جزء من تقرير لجنة تقصى الحقائق حول قتل المتظاهرين يتهم الجيش بأفعال مشينة. والجميع يعلم أن هذا التقرير لا توجد به نسخ سوى فى الرئاسة وعند نائبهم الخاص السابق «طلعت إبراهيم» وبالتالى فإن الإخوان ورئيسهم هم المتهم الأول والوحيد فى تسريب التقرير فى الوقت التى كانت تتعالى فيه الأصوات للمطالبة بعودة الجيش للحكم.. مما يؤكد أنهم لا يهتمون إلا بمصلحتهم والكرسى على حساب جيش مصر حتى ولو ادعوا عليه بغير الحقيقة أو استخدموا طرفاً أجنبياً فى ذلك.
هل دخول أفراد من حماس إلى مصر والمؤكد اطلاعهم على ملفات الأمن القومى ليس نوعاً من الخيانة؟ وكذلك التساهل مع الإرهابيين فى سيناء ورعايتهم على حساب دم ضباط الشرطة الأبرياء؟ خاصة أنه فى عهد د. محمد مرسى تم إصدار قرارات عفو لأقاربه وبعض من الإرهابيين دون مراجعة الأجهزة السيادية، فأصبحوا يمثلون خطراً على الأمن القومى المصرى، بل وصلت به الجرأة إلى الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر دون دعوة آخر جيل من العسكريين «المشير طنطاوى والفريق عنان»، أو مشاركة أسرة الرئيس الراحل أنور السادات، بينما حضر الاحتفال قاتلوه، فيما لم يتم الوصول إلى قتلة جنود رفح، وخلال عهد د.مرسى لم يعاقب أى إرهابى على قتل ضباط مصر فى سيناء ولم يسمح للجيش والشرطة بالقبض على خاطفى الجنود.
كيف يمكن لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان الدعوية، خيرت الشاطر، لقاء نائب مدير المخابرات الحربية القطرية قبل المظاهرات وهو ما حدث من قبل أثناء الانتخابات الرئاسية عندما التقى قيادات الإخوان مع مدير المخابرات الحربية لقطر أيضاً.. فماذا يمكن أن يسمى ذلك؟
ألا يدخل فى تفسير معنى الخيانة العظمى أن يتسلم رئيس بلداً مستقراً وخلال عام يصل به إلى مرحلة من التدهور والانشقاق غير مسبوقة وأن يسمح لأهله وعشيرته بإرهاب شعبه وإهانة جيشه.. وعندما يخرج شعبه ليطالب برحيله يصم أذنيه ويغمض عينيه، ثم تخرج الرئاسة ببيانات كاذبة، ويبلغ أوباما بمعلومات مضللة ويستنجد به ويستقوى بالأمريكان على جيشه وشعبه وتتحرك قوافل من أهله وعشيرته سواء بعلمه أو صمته لمواجهة الشعب المصرى بالسلاح.. إذا كانت كل هذه المظاهر ليست خيانة عظمى.. فأرجو أن يدلنى أحد من الإخوان على معنى الخيانة العظمى.
■ فى ذكرى الثورة.. نُشر هذا المقال فى 3 يوليو الماضى ومن وقتها لم يتخلَّ الإخوان عن نهجهم فى الاستقواء بالخارج وخيانة الوطن، كما كشفت القضايا عن خيانتهم خلال فترة حكمهم، ثم مارسوا الاستقواء بالخارج بعد أن لفظهم الشعب المصرى ليثبتوا أن الخيانة بالنسبة لهم ليست هفوة بل أسلوب حياة!!