د. وحيد عبدالمجيد
أثار الاجتهاد المنشور هنا يوم 28 يونيو الماضى حول وجود مساحتين فى الفقه الإسلامى إحداهما منيرة والثانية مظلمة خلافاً على ما إذا كانت النصوص المتطرفة والمشددة فى هذا الفقه هى المسئول حصراً عن التطرف والإرهاب، أم أن الظروف الموضوعية التى تُقرأ فيها هذه النصوص هى الدافع الرئيسى.
ويثير هذا الخلاف أسئلة كثيرة ينبغى أن تأخذ الاهتمام الكافى فى مناقشة مسألة الإرهاب وكيفية مواجهته، وخاصة فى ظل التركيز الكامل على النصوص المتشددة أو ما يسمى الخطاب الدينى، والحملات التى تقوم بها جهات رسمية لمصادرة كتب تتضمن هذه النصوص فى مكتبات المساجد.
وعندما تكون إزاء ظاهرة مركبة بطابعها، مثل الظاهرة الإرهابية، ينبغى أن نبحثها من كل جوانبها، بدءاً بالسعى إلى إجابات عن أسئلة أساسية مهمة نذكر ثلاثة منها هنا.
أول هذه الأسئلة هو: هل الظروف الموضوعية (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وغيرها) التى يتجه فيها بعض الشباب إلى التطرف والإرهاب هى التى تدفعهم إلى البحث عن عقيدة حافزة لهم فيلجأون إلى نصوص متشددة وفتاوى مغالية لإضفاء »شرعية« على جرائم يرتكبونها، أم أن هذه النصوص الموجودة فى كتب يعود كثير منها إلى ماض سحيق تفعل فعل السحر فيهم بمجرد إطلاعهم عليها وبمعزل عن الظروف التى يعيشون فيها؟
والسؤال الثانى هو: هل تكفى نصوص متشددة لإغراء شباب بالتطرف والإرهاب بدعوى أنهم «يجاهدون»، وأن قتلاهم سيكونون شهداء تفتح لهم أبواب الجنة حيث تستقبلهم «حور عين» يختلف عددها من رواية إلى أخرى فى إطار هذه النصوص؟ وهل يمكن أن تكون هذه النصوص مغرية لو أن الشباب الذى يقع فى غراميتها يعيش حياة إنسانية كريمة على الأرض، وينتظره مستقبل يستطيع أن يصنعه بمقدار ما يعمل ويتعلم ويكافح ويجتهد؟
ويثير ذلك سؤالا ثالثا متعلقابجاذبية «الاستشهاد» للذهاب إلى عالم آخر، وهو: ما الذى يدفع بعض الشباب إلى كل هذا الكره لحياة يعيشونها على نحو يدفعهم إلى التطلع إلى حياة أخرى، وهل يمكن أن يتكرر ذلك ويتوسع نطاقه إلا حين تكون الحياة الدنيا بائسة صعبة، مما يؤدى إلى التعلق بالحياة الأخرى؟
وليست هذه إلا بعض أسئلة يصح أن تكون محورا لنقاش موضوعى حول كيفية تحول بعض الشباب إلى التطرف، والعلاقة بين ظروف حياتهم وخطاب دينى يتعرضون له فى هذا المجال.