د. وحيد عبدالمجيد
الإبداع لا حدود له لا يعوقه عائق حين يكون المبدع من نوع الشاعر المناضل سمير عبد الباقى، الذى نشأ جيلى على أغانيه الوطنية والاجتماعية الرائعة. شكَّل مع المطرب الجميل الراحل عدلى فخرى ثنائياً موازياً لأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام.
لم يتوقف عبد الباقى عن الإبداع رغم تغير الظروف وتقلب الأوضاع . مازال ينطق شعراً بلسان كل صاحب حق رافعاً شعار "لا يحق لنا ما لا يحق لأهلنا"، وواصفاً شعره المميز بأنه "شكشكة شعرية غير دورية بالفصحى العامية".
وفى آخر ما طالعته من شعره إبداع يواكب قضايا شعبنا ووطننا وأمتنا عبر "شكشكات" متنوعة تتعلق إحداها بميراث العقود الثلاثة البائسة التى نحمل تركتها الثقيلة على ظهورنا الآن. ورغم أن ثلاثة رؤساء يتحملون مسئولية هذه التركة، فقد رأى عبد الباقى أن مبارك هو الذى سقى مصر "الكاس للآخر". وهذا منطقى لأنه جثم على صدر مصر فترة تزيد على مثلى تلك التى حكم فيها سلفه وخلفه السادات ومرسى.
وكم يبدو عبد الباقى معبَّرا حين يقول: (ماكسرشى نفسى السادات ولا مرسى ولا ناصر – لكن مبارك خنقنى ..سقانى كاسه للآخر .. لا حد كان قده ولا عليه قادر .. إلا لما زلزلها تحته المرهق الصابر).
ولأن بعض الفن وسلوك أهله، وغيرهم فى مجالى الثقافة والإعلام، يبحث عن وصف ينطبق عليه، فقد وجده عبد الباقى فى قطعة أخرى أسماها "ثقافة الخَدَّامين" يقول فيها: (ثقافة الخدامين هاجمة بجرادلها .. تنقع تاريخ الوطن فى طشت هلاهيلها .. تعصرها بعد الهزايم بالديون والهم .. تنقل نافوخ البشر من راسها لديلها .. والخدَّامين على كل لون جاهزين .. يسار إذا شئت وإن لم شئت تبقى يمين .. شايلين مقشات ترش تقش وتنَّفض .. تلُك وتعجن لت ع الوشين .. إذ كل ثورة لها ظروفها ومراحلها).
وهؤلاء هم الذين يوجه إلى كل منهم رسالة فى قطعة أخرى يقول فيها: (نشفت دم الخجل .. قطعت حبل الأغانى .. سممت نبع المعانى .. قصقصت ريش الكلام). ولذلك أوجه بدورى له، وهو القابض على جمر فنه ومبادئه، رسالة تفيد أن "ثقافة الخدامين" لم تعد تنطلى على كثير من المصريين خاصة شبابنا الصاعد الواعد الذى سيغير وجه الحياة على أرضنا الطيبة.