د. وحيد عبدالمجيد
لا تعترف السلطة القائمة في أي بلد بوجود سجناء رأي بين السياسيين والمثقفين الذين تحتجزهم في سجونها وغيرها من أماكن الحبس المعتمدة لديها. ولذلك اُبتكرت تسميات أخري تستخدمها السلطات في هذه البلاد سعياً إلي إنكار وجود سجناء رأي.
ولكل سلطة، وأحيانا لكل جهاز أمني في السلطة نفسها، طريقته في معاملة سجناء الرأي. وكثيرة هي الأدبيات التي تعالج هذا الموضوع، سواء في شكل روايات يدلي بها سجناء رأي ويسربونها من داخل أماكن احتجازهم في بعض الأحيان، أو بعد الإفراج عنهم في معظم الأحوال، أو في صورة تحليلات سياسية واجتماعية لهذه الروايات، أو من خلال أعمال أدبية وفنية مازال أدباء أمريكا اللاتينية هي الأكثر تميزاً فيها.
وقد نشرت صحيفة «الحياة» قبل أيام ترجمتين مهمتين في هذا المجال أعدتهما الصحفية المميزة منال النحاس، إحداهما لمقتطف من كتاب المثقف الإيراني المعارض رامين جهانبعلو (الوقت لن يقول شيئاً)، والأخري لمقالة نشرها المعارض الروسي ميخائيل خودوركوفسكي في مارس الماضي. ويتناول النصان المترجمان، اللذان يقدمان إضافة مهمة إلي أدبيات سجناء الرأي، جانباً من جوانب معاملة هؤلاء السجناء في إيران وروسيا.
اختارت المترجمة من كتاب جهانبعلو روايته لاستجواب اتهم خلاله بالضلوع في مؤامرات كونية ضد إيران خلال الاحتجاجات الشعبية علي نتائج انتخابات الرئاسة التي فاز فيها أحمدي نجاد عام 2010، واصطلح علي تسميتها «الانتفاضة الخضراء». فقد رآه المحقق منذ اللحظة الأولي متآمراً خائناً، وطلب إليه أن يعترف بدوره في المؤامرة ومن استخدموه لتنفيذها.
أما خودوركوفسكي فهو يخصص مقاله لوصف ما أسماه يوميات في سجن روسي، لعل أبرز ما فيها هو نصيحة المحقق لمن يستجوبهم، إذ ينصحهم بالسير بجوار الحائط وعدم التفكير: (كلما فكرت أقل صارت الحياة أفضل)، أو الحال أن السجون وما يحدث فيها، وخاصة مع سجناء الرأي، صارت مجالاً للبحث في عدد من العلوم الاجتماعية، وحقلاً للإبداع الأدبي والفني. ولكن القليل هم من يستوعبون نتائج الدراسات المتعلقة بها ودروسها.