اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ

اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ

اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ

 السعودية اليوم -

اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ

د. وحيد عبدالمجيد

ربما يكون جونتر جراس، الذى رحل عن عالمنا قبل أيام، هو الأديب الوحيد الذى حصل على شهادة دولية تفيد أنه صحَّح التاريخ. فعندما حصل على جائزة نوبل عام 1999،
قالت اللجنة التى تمنحها إنه (اضطلع بواجب عظيم وهو تصحيح تاريخ عصره. فقد بعث إلى الحياة المنسيين والضحايا والخاسرين، كما راجع تلك الأكاذيب التى أراد الشعب الألمانى أن ينساها لأنه صدَّقها ذات يوم ..).
ولا مبالغة فى هذه الشهادة التى لم تكن مجرد إشادة بأدب مُنح صاحبه أرفع جائزة دولية، بل كانت تعبيراً عن أنهما (الأدب وصاحبه) تناولا الحقبة النازية كما لم يتم تناولها من قبل، ولا من بعد حتى الآن.

وقد فعل جونتر جراس ذلك تكفيراً عن شعوره بذنب دفين ظل يحمله بين جوانحه دون أن يبوح به إلى أن نبش البعض فى ماضيه وأخرج منه ما يُعد عاراً فى تاريخ أى ألمانى، حيث انضم إلى حزب هتلر النازى، وشارك فى حربه العدوانية لبعض الوقت.

يومها، قامت الدنيا ولم تقعد. ولكن جراس، الذى ظل صامتاً لفترة طويلة، رد بطريقته الخاصة عبر رواية «تقشير البصل» التى ضمنَّها سيرته الذاتية كاشفا أنه تأثر فى صباه بوالده، وانضم إلى منظمة شباب الحزب النازى وتطوع وهو فى السابعة عشرة (عام 1944) للقتال فى صفوف الجيش الهتلرى فى نهاية الحرب.

والمثير، هنا، أن أحداً لم يفهم من روايته الأشهر والأكثر أهمية «الطبل الصفيح» أنه هو نفسه بطلها الطفل أوسكار، الذى قرر ألاَّ يكبر عندما بلغ الثالثة من عمره، وعاش المرحلة النازية كطفل حاملاً الطبل الصفيح الذى أهدى إليه فى عيد ميلاده الثالث وجعل إيقاع هذا الطبل وسيلة للتعبير عن الأحداث التى مرت به. تضامن مع هتلر أولاً ثم وقف ضده وخالف والده العضو فى الحزب النازى. لم يكن واضحا أنه اختار طريقة فريدة لتقديم شىء من تجربته الذاتية عبر الطفل أوسكار.

ورغم أن الكثير من الألمان مروا بتجربة مماثلة، كان جراس وحده هو الذى ظهرت موهبته الفذة فى نقد النازية وتعريتها إلى الحد الذى جعله مصحِّحا للتاريخ. وربما بسبب هذه التجربة، استطاع جراس أن يجمع بين الأدب والسياسة بمهارة وسلاسة، وهما اللذان لا يجتمعان إلا وأفسد أحدهما الثانى.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ اجتهادات أديب يُصحّح التاريخ



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab