د. وحيد عبدالمجيد
إنهم لا يعرفون فلسطين. لا يعون التاريخ ولا يقرأون الجغرافيا. ومن لا يعرف فلسطين لا يفهم مصر الوطن والأمن والدور. وإذا كان قليل من شبابنا معذورين لأنهم لا يعرفون، فأى عذر يمكن أن نلتمسه لمن تصهينوا وهم يعلمون فباتوا يناصرون عدوان العدو على أهلنا بأكثر مما يفعل بعض من ينتمون إلى كيانه الإرهابي.
فهل نسوا ما تعنيه فلسطين لنا بعد أن طفح عداؤهم لجماعة «الإخوان» على عقولهم فأفقدهم الذاكرة الوطنية؟ وكيف ينسون القضية التى امتزجت فيها دماء مصريين وفلسطينيين استشهدوا وهم يقاتلون ويناضلون فى مواجهة الغزوة الصهيونية المتوحشة التى بدأت فى العام الذى احتل فيه المستعمرون الإنجليز مصر؟
لقد شهد عام 1882 غزو عسكر الاستعمار مصر وبداية غزو الارهابيين الصهاينة فلسطين فيما عُرف باسم الهجرة الأولي. وارتبطت مقاومة المصريين للاحتلال الإنجليزى ومقاومة الفلسطينيين للغزو الصهيونى فى عملية تاريخية واحدة. ولأنها واحدة فعلاً، فقد دافعت مصر عن أمنها ومازالت عبر دورها فى دعم النضال الفلسطيني، وتولت إدارة قطاع غزة منذ النكبة وحتى النكسة: القطاع الذى لم يتخيل أحد أن يأتى يوم يبارك فيه مصرى واحد عدواناً عليه.
أما وقد جاء هذا اليوم المؤلم، فليتنا نتذكر أن تمجيد الشهداء لم يفّرق أبداً بين مصرى وفلسطيني. فعندما كتب شاعرنا العظيم عبد الرحيم محمود قصيدته المبدعة «الشهيد» عام 1937 أهداها إلى المصريين والفلسطينيين قائلا: (سأحمل روحى على راحتي.. وأُلقى بها فى مهاوى الردي.. فإما حياة تسُر الصديق.. وإما مماّت يغيظُ العِدا.. ونفسُ الشريف لها غايتان.. ورودُ المنايا وينُل المُني...).
وكأنه كان يكمل ويبنى على ما أبدعه الشاعر الفلسطينى الرائع إبراهيم طوقان فى قصيدته «الفدائي» عام 1930 عندما كتب: (لا تسل عن سلامته.. روحه فوق راحته.. بدّلته همومه.. كفناً من وسادته.. يرقبُ الساعة التي.. بعدها هولُ ساعية.. شاغلُ فكر من يراه.. بإطراق هامته.. فاهدئى ياعواصف.. خجلاً من جراءته).. ولكن من يخجل؟