بقلم : صلاح منتصر
من نظر إليه فى الشهور الأخيرة قرأ المرض فى نحول وجهه واختفاء شعره، لكن ابتسامته التى كانت تلازمه وإحساس الهدوء الذى يتحرك به يجعل من يتشكك فى مرضه يراجع نفسه. فمن اجتماع إلى اجتماع، ومن مدينة إلى مدينة، ومن زيارة إلى زيارة دون أن تصدر منه كلمة ألم أو آه خفيفة، إلى أن أعلن أخيرا أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قد حصل على إجازة يسافر فيها إلى ألمانيا. إجازة ثلاثة أسابيع يضع نفسه فيها تحت أمر مشرط الطبيب الألمانى الذى سبق أن أجرى عملية جراحية للرئيس الأسبق حسنى مبارك فى مارس 2010 عاد بعدها مبارك ما شاء الله سليما معافي.
فى الدول الأوروبية تعتبر صحة المسئول ملك شعبه، يصدر عنها تقارير متواصلة ترصد ما يتعرض له، أما فى مصر ومنذ ثورة يوليو 52 أصبح مرض المسئول سرا من الأسرار الأمنية العليا التى لا يجوز معرفتها، كما حدث لعبدالناصر الذى لم نعرف عن أمراضه التى كان يعانيها منذ انفصال سوريا إلا بعد وفاته رحمه الله.
عرفت المهندس شريف إسماعيل لأول مرة وهو وزير بترول فى ندوة استضافته إحدى الجمعيات وفوجئت بأننى أمام وزير يحفظ عن ظهر قلب خريطة عمله البترولية ويستطيع أن يتحدث عنها بأسلوب يفهمه الرجل البسيط قبل المثقف. وأعجبنى ترتيبه وتنظيمه وهو ما لاحظته بعد ذلك عن قرب عندما التقيته بعد ذلك رئيسا للوزراء. يخرج أمامه مفكرة (يومها كانت هذه المفكرة رقم 4 التى ملأها) يسجل فيها بالقلم الرصاص ما يسمعه من نقاط وما يرد على خاطره من ملاحظات. ومنذ تولى رياسة الوزارة قبل سنتين و 75 يوما وهو يمارس عمله فى هدوء وتفان رغم كثرة الأعباء والمشروعات دون أن يغيب عن زيارة أو اجتماع حتى آخر يوم قبل أن يعلن بدء إجازته.
هذا جندى يخدم بلاده بكل أمانة وإخلاص، وفى اختبار الصحة الذى يواجهه ندعو له بالشفاء، وأن يعود بإذن الله سالما معافى تصاحبه ابتسامته الرقيقة الهادئة.