هل ترامب حليف

هل ترامب حليف؟

هل ترامب حليف؟

 السعودية اليوم -

هل ترامب حليف

بقلم : عمرو الشوبكي

تقوم العلاقات بين الدول أساساً على المصالح الاقتصادية والسياسية، وفى بعض الأحيان تصل إلى درجة التحالف حين يكون هناك توافق على القيم والمبادئ الأساسية، وأيضا مصالح مشتركة، وحين تكون القيم والمبادئ التى يحملها نظام الحكم فى بلد عظمى مثل أمريكا مضادا لما تحمله منطقتك، فإن هذا لا يمنع أن تدير علاقتك معه بدون تهليل أو مبالغة، وتعى أن سقفها يجب أن يكون المصلحة لا التحالف.

يقيناً الأسئلة التى يجب أن تطرحها مصر فى علاقتها مع ترامب يجب أن تكون فى إطار حديث المصالح المتبادلة (وهو حادث بقدر) وحجم الاستفادة، التى يمكن أن تحققها فى حربها ضد الإرهاب وفى خياراتها السياسية (التى ليست بالضرورة محل إجماع الجميع) عن علاقتها بأمريكا.

والحقيقة أن رؤية ترامب للمنطقة العربية والإسلامية هى رؤية سلبية، وموقفه المتعصب هو أساسا ضد مهاجرين من منطقتنا، وحديثه الدائم عن الإرهاب الإسلامى يؤذى مشاعر قطاع واسع من العرب والمسلمين، حتى لو اعترفوا بأن الإرهاب الذى يُصدَّر للعالم يأتى بكل أسف من منطقتنا، ولكنه لا علاقة له بالإسلام ولا بأى دين، كما أن معظم مَن قاموا بالأعمال الإرهابية فى أوروبا وأمريكا هم ليسوا مهاجرين، إنما وُلدوا وعاشوا فى الغرب وحملوا جنسياته، وتحولوا إلى إرهابيين نتيجة مجموعة من الأسباب، معظمها لها علاقة بواقعهم الاجتماعى والسياسى فى الغرب لا الشرق.

ونسج ترامب صورة مركبة عن نفسه، فهو حامى الحدود ضد كل المهاجرين سواء كانوا عربا أو مكسيكيين، وهو الأبيض المتشدد فى مواجهة الأسود المتسامح، والأمريكى القوى الصارم فى مواجهة الأمريكى الضعيف المتردد، وهو الجديد فى مواجهة القديم، وفى نفس الوقت فقد حمل ثقافة «المعلم المليونير»، معتمدا على شركاته الكبرى قبل حزبه الجمهورى، الذى لحق به مضطرا وبتعليم محدود وثقافة عامة منعدمة ونظرة سطحية وعنصرية للعالم والآخر.

ومع ذلك فإن تجربته لاقت هوى لدى البعض فى بلادنا، على اعتبار أنه يحمل موقفا أكثر تشددا من الإرهاب ومن جماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم نسوا أو تناسوا أنه بجوار هذا الموقف فإن الرجل يكره الإسلام والمسلمين، وأن ترامب التاجر ليست له علاقة بالمفاهيم الحديثة التى عرفها العالم منذ نهايات القرن الماضى لتصحيح جانب من الخلل فى علاقة الشمال بالجنوب، مثل قيم الاعتماد المتبادل والتنمية المستدامة التى تخلق الاستقرار والسلم العالمى، والتى خرج معظمها من داخل النظم الرأسمالية، إنما سيطرت عليها نظرية خذ وهات، فمثلا ستدعم أمريكا مصر فى حربها ضد الإرهاب مقابل انخراطها فى حلف سنى ضد إيران، أو سندعمها اقتصاديا فى مقابل اتباع سياسة صارمة لوقف تدفق المهاجرين إلى الغرب، وفى كل الأحوال غابت قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون من أولوية أى حوار للإدارة الأمريكية الجديدة مع الجانب المصرى.

والحقيقة أن نظرة هذا التيار الوطنى المتطرف الذى يمثله ترامب سواء فى أمريكا أو أوروبا تقوم على أن منطقتنا العربية ليست مهيأة للديمقراطية، تماما مثلما يقول معظم حكامنا وتيار واسع من شعوبنا، وأنها تحتاج نظما قوية، ولا مانع من أن تكون استبدادية، لكى تحكم هذه الشعوب وتوقف الانحدار لحالة الفوضى والانهيار الذى عرفتها بلاد كثيرة فى المنطقة.

فترامب وتياره يرى أننا شعوب فاشلة لا تصلح عندنا الديمقراطية، وعلينا أن نبقى كما نحن فى بلادنا ولا نأتى إلى بلاده، وهو رأى ليس بعيدا عن آراء كثير من الحكام العرب.

يقينا أجندة اليمين الوطنى هى محاربة الإرهاب ومنع اللاجئين من التدفق إلى الغرب، وهنا ستكون أمريكا ترامب على استعداد لدعمنا اقتصاديا لوقف الهجرة، وعسكريا لمحاربة الإرهاب، فى حين أن المطلوب دعمنا سياسيا لبناء دولة قانون واستكمال عملية التحول الديمقراطى، فلا توجد ديمقراطية تطبق فوريا، إنما دولة قانون أولاً، ثم انتقال ديمقراطى ثانياً (ونحن ليس عندنا الاثنان)، ودعمنا اقتصاديا لتحقيق التنمية وليس فقط منع الهجرة، وهذا هو طريق النجاح فى مواجهة الإرهاب.

يقينا هناك مساحات تلاقٍ سياسى واقتصادى واستفادة متبادلة بين الحكم فى مصر والإدارة الأمريكية الجديدة، وأن الزيارة الأخيرة للرئيس السيسى استفادت من التوافق السياسى والعسكرى فى النظر إلى كثير من مشاكل المنطقة بين الرئيسين، خاصة ملف الحرب على الإرهاب.

فنحن أمام توافقات فى السياسة والأمن يجب أن يظل سقفها هو أن الإدارة الأمريكية لديها موقف من شعوب المنطقة، ولا تثق فى قدراتها على إحداث أى تقدم، ولذا فإن قادة هذه المنطقة وحكامها، المفترض أنهم المعبرون عن شعوبها، لا يجب أن يعتبروا أنفسهم حلفاء لترامب ولا لتياره وإدارته، إنما هى علاقات مصالح تنسجها دول العالم مع بعضها البعض، خاصة مع القوى الكبرى، بشرط الوعى أن هناك تباينا جذريا فى المنطلقات، وأن هناك سقفا يجب أن يحكم شكل العلاقة مع ترامب ستفرضه الأيام والواقع العملى، فليس معقولاً أن يكون حلفاؤنا فى العالم مَن يعتبروننا عبئاً على الإنسانية وغير مؤهلين لأى تقدم، ثم نراهن عليهم لإحداث هذا التقدم!

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 15:55 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

ماذا بعد انتهاء الحرب؟!

GMT 08:55 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الاعتدال الفاعل

GMT 18:48 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصريحات نتنياهو

GMT 17:18 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

عودة للحروب الوطنية

GMT 08:40 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس من أفغانستان والعراق لغزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ترامب حليف هل ترامب حليف



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab