الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

 السعودية اليوم -

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

للأمن دور رئيسى فى مواجهة الإرهاب ، قد يحاصره وقد يوجه له ضربات، لكنه لن يهزمه دون إجراءات سياسية واجتماعية موازية، بل فى بعض الأحيان قد يكون الحل الأمنى والعسكرى عاملاً وراء انتشار الإرهاب مثلما جرى عقب الغزو الأمريكى للعراق، وكما حدث فى مناطق أخرى من العالم.

لقد قضت مئات الجامعات ومراكز الأبحاث الكبرى وقتا طويلا حتى تحاول أن تفهم ظاهرة الإرهاب والعناصر التكفيرية، أو التطرف الإسلامى، كما يسميه البعض، واعتبرتها بالأساس ظاهرة «انحراف مجتمعى» قبل أن تكون عناصر إجرامية مطلوب القصاص منها، وانشغلت بسؤال غائب عنا: لماذا وكيف يصبح هؤلاء البشر إرهابيين؟ والإجابة كانت غالبا أنهم أصبحوا إرهابيين لأسباب إما دينية عقائدية مثلما كان الحال مع التنظيمات الجهادية الكبرى فى مصر كالجهاد والجماعة الإسلامية أو الجماعة السلفية الجهادية فى المغرب أو تنظيم القاعدة فى طبعته الأولى قبل 11 سبتمبر، وهناك من أصبحوا إرهابيين لأسباب أساسا اجتماعية نتيجة التهميش المجتمعى والعنصرى والفشل الدراسى والمهنى مثلما هو الحال مع معظم الإرهابيين الذين قاموا مؤخرا بتفجيرات إرهابية فى أوروبا وأمريكا دون أن ينسوا إضافة الصبغة الدينية، وهناك ثالثا إرهابيون لأسباب مذهبية وهؤلاء وجدناهم فى العراق حين انتقل الحكم من «السنية السياسية» إلى «الشيعية السياسية» فجأة، فوجد القاعدة ثم داعش تربة خصبة لنشر مشاعر كراهية وعداء بحق الشيعة واستهدافهم على الهوية المذهبية، وهناك أخيرا إرهابيون لأسباب سياسية ودينية (مشوهة) تبنوا خطاب مظلومية وروح انتقام ثأرى مثلما هو الحال مع نوعية متصاعدة من الإرهابيين الجدد فى مصر (وغيرها من الدول)، وهنا سنجد أن أدوات التجنيد تقوم أساسا على بث خطاب انتقام من الدولة التى يصفونها بالظالمة، وتتم مواجهة هذا الخطاب بالأمن، فلم يتراجع الإرهاب بل ربما زاد.

استهداف المسيحيين ليس فقط إرهابا طائفيا كما هو متكرر، إنما أيضا وراءه مفردات سياسية (باطلة بالتأكيد) تعتبرهم حلفاء للنظام فتبرر الجرم وسفك الدماء مثلما هو حادث أيضا مع رجال الشرطة والجيش.

ولأن مصر ليس فيها سياسة ولا مشروع سياسى وجزء من طاقة أجهزتها الأمنية مفرغ فى معارك مع تيارات لا علاقة لها بالإرهاب (عملها جمع المعلومات فيما يتعلق بالتطرف ومكافحة الإرهاب)، ودخلت فى أدق تفاصيل المشهد السياسى وحولت كثيرا من الكيانات والمؤسسات الشرعية إلى مسوخ مشوهة، وهى بذلك تؤزم الوضع الداخلى وتزيد من الاحتقان المجتمعى بدعم كل محرض على القتل فى الإعلام، وكل بلطجى يهدر أحكام القضاء ويسىء للنظام القائم حتى تراجع الظهير الشعبى الكبير الذى أيد 30 يونيو والرئيس.

الحلول الأمنية والقوانين الرادعة مطلوبة، ولكنها لن تحل مشكلة البيئة الحاضنة للإرهاب، هى بالتأكيد ستوجع التنظيمات الإرهابية التى توجعنا، ولكن معركة الدولة مع الإرهاب ليست فى مساحة الثأر والانتقام إنما فى تغيير طبيعة البيئة الحاضنة التى تفرز كل يوم إرهابيين جددا. هذا التحدى ليس أمنيا إنما تحدٍّ أمام النظام السياسى برمته. فهناك حوار سياسى غائب وهناك مفردات تردد غير مقنعة لأغلب الشباب، وهناك غياب لمسار سياسى يحول مسار الإرهابيين المحتملين إلى معارضين سلميين، فالصورة تبدو أمامهم مغلقة تماما فيسهل وقوعهم فريسة لخطاب التحريض على العنف، والأموال التى تُدفع.

المدهش والصادم أن النظام السياسى يتعامل معهم بروح الاستغناء، وكأنه يقول: لا مانع أن تصبحوا إرهابيين وسنواجهكم بالأمن، فيفشل، لأن المواجهة الحقيقية تبدأ حين يحول دون تحول أغلب هؤلاء الشباب لإرهابيين بإجراءات سياسية واجتماعية.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 15:55 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

ماذا بعد انتهاء الحرب؟!

GMT 08:55 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الاعتدال الفاعل

GMT 18:48 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصريحات نتنياهو

GMT 17:18 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

عودة للحروب الوطنية

GMT 08:40 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس من أفغانستان والعراق لغزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب الأمن وحده لا يهزم الإرهاب



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab