الإرهاب السياسى

الإرهاب السياسى

الإرهاب السياسى

 السعودية اليوم -

الإرهاب السياسى

بقلم : عمرو الشوبكي

الإرهاب فى مصر كما فى بلاد كثيرة دوافعه متعددة، وغالبا ما يكون هناك عامل راجح يقف وراء العمليات الإرهابية دون إلغاء عوامل أخرى، ويقيناً هناك استراتيجية بديهية لمواجهة الإرهاب يرددها تقريبا الجميع، وتقول إن القوة المسلحة لن تحل بمفردها مشكلة الإرهاب، وإن الاستراتيجية الناجحة تعنى ضرورة امتلاك رؤية سياسية واجتماعية ودينية لتغيير البيئة الحاضنة التى تنتج الإرهاب أو تحميه أو تتواطأ معه.

والحقيقة أن معركة مصر ضد الإرهاب ليست فقط مع العصابات الإجرامية التى ترفع السلاح وتروع الأبرياء وتقتل رجال الجيش والشرطة وتستهدف المسيحيين لأسباب طائفية (لأنهم مسيحيون) وأسباب سياسية (تراهم مؤيدين للنظام القائم)، إنما مع البيئة الحاضنة التى جعلت شابا عمره 22 عاما يقدم على تفجير نفسه داخل الكنيسة البطرسية ويقتل 26 روحا بريئة داخلها.

إن رد الفعل التلقائى على هذه الجريمة كان هو المطالبة بتغليظ العقوبة وتعديل القوانين المكبلة وإعدام كل إرهابى (رغم أنه يفجر نفسه)، وتحويله لمحاكمات عسكرية، وغيرها من الشعارات التى لا علاقة لها بمشكلة الإرهاب فى مصر، وتناسينا الأسباب الاجتماعية والسياسية التى تقف وراء الإرهاب لأنها تعنى استحقاقات لا نرغب فى دفعها.

والحقيقة أن التحول الذى جرى فى مصر منذ 3 سنوات جعلها مستهدفة من خطاب سياسى مناهض قائم على المظلومية والانتقام والرفض الجذرى للنظام الجديد، وأصبح هناك دافع سياسى واجتماعى وطائفى يدفع شبابا صغيرا نحو الإرهاب، يضفى عليه فى النهاية مبررا دينيا للقتل أو قشرة دينية من مفردات داعشية منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى.

وهذا على عكس ما جرى مع التنظيمات الجهادية الكبرى فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، سواء كانت الجهاد أو الجماعة الإسلامية فى مصر، أو السلفية الجهادية فى المغرب أو تنظيم القاعدة قبل 11 سبتمبر، فيلاحظ أن عنصر الجهاد الذى حمل السلاح وقام بعملية اغتيال (لم تكن العمليات الانتحارية مستخدمة فى ذلك الوقت) كان يحتاج لسنوات طويلة (لا تقل فى حالات كثيرة عن 5 سنوات) من التربية العقائدية والدينية الصارمة التى تعطى له مبررا للقتل والإرهاب، على عكس ما يجرى الآن، فقد أصبح من الوارد أن نرى انتحاريا أو إرهابيا يقتل الناس بعد أسابيع قليلة من تجنيده، دون أن يقرأ كتابا واحدا لابن تيمية أو يسمع عن سيد إمام الشريف (واسمه الحركى دكتور فضل)، والذى يعد أحد أهم من صاغوا الإطار الفكرى للتنظيمات الجهادية فى مصر وخارجها، وكتب مجموعة من الكتب، أهمها «كتاب العمدة فى إعداد العدة» و«الجامع فى طلب العلم الشريف» و«الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر» واقتربت جميعا من ألفى صفحة.

من قاموا بكل العمليات الإرهابية فى أوربا وأمريكا لا علاقة لهم بالإرهاب العقائدى (إنما يستدعونه فى اللحظات الأخيرة لتبرير القتل).. ونفس الأمر تكرر جزئيا فى سوريا والعراق مع أعداد كبيرة من الانتحاريين الممولين أو المعبئين طائفيا وسياسيا ضد النظام الطائفى أيضا، فغالبيتهم كانوا نتاج خطاب مظلومية سياسية، وكراهية مذهبية، وطائفية تحتاج لقشرة دينية لتبرر دخولها الجنة.

والحقيقة أن هذا النوع من الإرهاب السياسى تزايد فى مصر فى الفترة الأخيرة بصورة مقلقة، حيث تقف رواية مظلومية سياسية وراء نوعية من العمليات الإرهابية تجرى فى الدلتا، ومرشحة للتزايد طالما تصورنا أننا سنقاوم الإرهاب فقط بالأمن، وفقط بإصلاح الخطاب الدينى، وننسى المدخل السياسى فى الاشتباك مع البيئة الحاضنة التى تفرز الإرهابيين (وليس بالضرورة الإرهابيين أنفسهم) وبناء دولة العدل والقانون.

المصدر : صجيفة المصري اليوم 

arabstoday

GMT 15:55 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

ماذا بعد انتهاء الحرب؟!

GMT 08:55 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الاعتدال الفاعل

GMT 18:48 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصريحات نتنياهو

GMT 17:18 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

عودة للحروب الوطنية

GMT 08:40 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس من أفغانستان والعراق لغزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب السياسى الإرهاب السياسى



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab