انسحاب رئيس

انسحاب رئيس

انسحاب رئيس

 السعودية اليوم -

انسحاب رئيس

بقلم : عمرو الشوبكي

رؤساء النظم الشمولية يبقون أبدياً فى السلطة ولا يعنيهم كثيراً أو قليلاً رأى الشعب وتصويت الناس، على عكس النظم الديمقراطية التى يبقى فيها رئيس الجمهورية مدتين فقط غير قابلتين للتمديد.

وعادة ما يقدم رئيس الجمهورية على الترشح لمدة ثانية طالما يسمح له الدستور بمدتين إلا الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند الذى أقدم على ما هو نادر حين قرر عدم الترشح لولاية ثانية، بعد أن دلت مؤشرات كثيرة (من بينها استطلاعات الرأى) أنه سيخرج من الجولة الأولى فى الانتخابات نظرا لتدنى شعبيته وفشله فى إدارة كثير من الملفات كالملف الاقتصادى والسياسة الخارجية ومواجهة الهجرة والإرهاب.

كان يمكن أن يكابر الرجل، خاصة أن لديه حقا دستوريا، بالترشح لمدة ثانية، وكان يمكن أن يتصرف مثلما يفعل حكام كثيرون فى بلادنا بأن يهدم المعبد على من فيه، خاصة أن هناك كثيرا من رفاقه الاشتراكيين ناصبوه العداء وانتظروا تلك الفرصة لينقضوا على إرثه، ويترشحوا فى انتخابات الرئاسة القادمة دون أن يكون لديهم حظوظ حقيقية فى الفوز، وكان يمكن لهولاند ونكاية فى هؤلاء أن يترشح مرة أخرى ولكنه لم يفعل.

لقد قدم الرئيس الفرنسى فى خاطبه أمس الأول درسا أخلاقيا وسياسيا لكل رؤساء العالم، وقال بتجرد يثير الإعجاب والاحترام إنه سيعمل على إعطاء الفرصة لمرشح اشتراكى آخر قادر على منافسة المد اليمينى فى فرنسا والعالم، وهى لحظة صدق مع النفس تحتاج إلى ثقة وشجاعة داخلية كبيرة.

للسلطة فى كل دول العالم بريق، ولحظة التخلى عنها والاعتراف بالفشل ليست لحظة سهلة بل صعبة على النفس البشرية، ولكنها تتوارى أمام قيم عليا أخرى يعرفها الرؤساء الكبار، منها الحفاظ على الأوطان وحقن الدماء أو الحفاظ على المبادئ العليا أو الاعتراف بالفشل والقدرة على تحمل المسؤولية وهى كلها قيم لم نرها فى العالم العربى إلا نادرا، فالقاعدة كانت تقول دائما «ليس مهماً الأوطان ولا الشعوب إنما المهم خلق أمجاد شخصية والترويج لادعاءات كاذبة وانتصارات زائفة».

نعم كانت هناك استثناءات قليلة كاستقالة عبدالناصر عقب هزيمة 5 يونيو واعترافه بالخطأ وإعلانه تحمله المسؤولية كاملة ثم توجيه نقد ذاتى كامل لمنظومته السياسية كلها، المشهد العكسى رأيناه فى العراق عقب هزيمة صدام حسين وخروجه من الكويت بعد تحريرها، فقد كانت هناك فرصة لكى يترك السلطة أو يعترف بأخطائه ويراجعها، ولكنه لم يفعل وقال «لقد انتصرنا فى أم المعارك»، وربما كان تمسكه بالسلطة سببا فى تسهيل مهمة الأمريكان فى غزو العراق فى 2003 حين وجدوا بلدا منهكا وزعيما يحكم بالشعارات دون أى قوة حقيقية على الأرض.

مبارك ترك السلطة ولم يهرب عقب ثورة يناير ولم يعتبر أن الدولة تختزل فى شخص الرئيس مثلما يفعل بشار الأسد، واستقال بسلاسة تحسب له وحقن دماء كثيرة.

صحيح أن خطأه الأكبر تمثل فى بقائه فى السلطة 30 عاما وقناعته التامة بأنه لن يحدث تغيير ولا ثورة ولا حتى انتفاضة، فلم يفكر طوال كل هذه السنوات أن يقدم على إصلاح سياسى واحد حقيقى.

ما فعله هولاند غير متكرر؛ لأنه لم يترك السلطة بسبب ثورة أو هزيمة عسكرية إنما عقب ما تصوره أغلب الناس أنه فشل فى إدارة وحكم البلاد، وهو أمر يعطيه الحق من الناحية السياسية (بعيدا عن الحق الدستورى والقانونى) أن يترشح مرة ثانية ولكنه لم يفعل، فهل يمكن أن تنتقل عدوى ما فعله الرئيس الفرنسى إلى العالم العربى ونجد من يقول بشموخ «لقد فشلت فى الإدارة والحكم، ولن أترشح مرة ثانية؟!».

arabstoday

GMT 15:55 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

ماذا بعد انتهاء الحرب؟!

GMT 08:55 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الاعتدال الفاعل

GMT 18:48 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصريحات نتنياهو

GMT 17:18 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

عودة للحروب الوطنية

GMT 08:40 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس من أفغانستان والعراق لغزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انسحاب رئيس انسحاب رئيس



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab