الموت بحرًا

الموت بحرًا

الموت بحرًا

 السعودية اليوم -

الموت بحرًا

بقلم : عمرو الشوبكي

لا يمتلك المرء إلا أن يتألم ويتعاطف مع ضحايا مركب رشيد الغارق والذين وصلوا إلى ما يقرب من 200 قتيل لقوا حتفهم غرقاً فى عرض البحر، وفى نفس الوقت لا يستطيع أن يتعاطف مع الأسباب التى دفعتهم لإلقاء أنفسهم فى التهلكة مهما كانت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية السيئة ومهما كان سوء أداء الحكومة المصرية وإحباط قطاع واسع من بسطاء المصريين من ضيق الحال.

النقاش حول الموت بحرًا لا يجب أن يخضع للاستقطاب السائد بين أهل الحكم والمعارضة، فالمعارضة تعتبرهم شهداء وترى أن الدولة أجرمت فى حقهم ودفعتهم للهجرة وهى المسؤول الوحيد عن موتهم، فى حين يحمّل مؤيدو الحكم الضحايا مسؤولية موتهم، باعتبارهم أخطئوا فى الوسيلة والهدف وأن موتهم مسؤولية شخصية وغاب الحد الأدنى من الدعم والتعاطف الإنسانى.

والحقيقة أن معضلة قضية الهجرة غير الشرعية أنها ليست فقط قضية أمنية أو سيادية أو حكومية، فهذا جانب مهم من المشكلة مثلما عبر الرئيس أمس الأول حين اجتمع باللجنة الأمنية المصغرة وضمت المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار، ورئيسى المخابرات العامة والرقابة الإدارية.

ووجه الرئيس بضرورة قيام الأجهزة المعنية بالملاحقة القانونية للمتسببين فى الحادث، الذين خالفوا القوانين المصرية والأعراف الدولية، وطالب بضرورة مراقبة الحدود وتحركات سماسرة الهجرة غير المشروعة.

والحقيقة أننا اعتدنا أن نواجه كل مشاكلنا بإجراءات من هذا النوع إما اجتماع أمنى أو تأسيس هيئة عليا تضم وزراء وقادة أمنيين مثلما فعلنا حتى مع السياحة، وبالطبع لم تكن النتيجة إيجابية، ونسينا أن هناك خبراء اجتماع ومتخصصين فى شؤون الهجرة غير الشرعية وأن هذه القضية لها أبعاد معقدة بجانب بعدها الأمنى الذى لا ينكر محوريته أحد.

والصادم أن اللجنة العليا لشؤون اللاجئين رصدت فى تقريرها أن نسبة تدفق المهاجرين غير الشرعيين من مصر إلى إيطاليا ارتفعت إلى 9% حتى نهاية يوليو الماضى مقارنة بـ5% فى 2015، وذلك على الرغم من استقرار أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا خلال النصف الأول من العام الجارى، حيث بلغت نحو 115 ألف مهاجر من يناير إلى أغسطس الماضيين، مقارنة بـ116 ألف مهاجر خلال الفترة نفسها من 2015، أى أن الزيادة فى أعداد المهاجرين جاءت من مصر، وهو أمر مقلق لا بد من البحث فى أسبابه الاجتماعية والسياسية والأمنية.

يقينًا أخطأ هؤلاء المهاجرون فى هذا النوع من المخاطرة الجسيمة التى هى أقرب إلى الانتحار، فمهما قيل عن سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية فى مصر فإن الحل ليس فى الموت بحرًا فهناك غيرهم كثيرون يحاولون أن يغيروا أوضاعهم الاجتماعية رغم الظروف الصعبة والأبواب المغلقة والإحباط العام، وهناك آخرون يناضلون من أجل تغيير الأوضاع السياسية وتحسينها رغم القيود الكثيرة وبعضهم دفع ثمنا كبيرا لذلك.

نعم الانتحار بحرًا مفهوم حين تكون حياتك مهددة بفعل داعش فى سوريا أو الحشد الشعبى وداعش فى العراق، أو حين تغيب الدولة تماما كما فى ليبيا وتستبيح الميليشيات أرواح الناس.. هنا يصبح خطر الموت وأنت تحلم بالوصول إلى أوروبا أفضل من الموت على يد كابوس غزوة داعش.

قد تكون هناك أسباب كثيرة تدفع ملايين المصريين للهجرة خارج الحدود لا الموت عبر البحار.

ابقوا فى بلدكم وحاولوا أن تغيروه أو هاجروا بطريقة مشروعة إذا يئستم من التغيير مثل كثيرين، لكن لا تلقوا بأنفسكم فى التهلكة فى عرض البحر، ورحم الله ضحايا مركب رشيد المنكوب.

arabstoday

GMT 15:55 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

ماذا بعد انتهاء الحرب؟!

GMT 08:55 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الاعتدال الفاعل

GMT 18:48 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصريحات نتنياهو

GMT 17:18 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

عودة للحروب الوطنية

GMT 08:40 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس من أفغانستان والعراق لغزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموت بحرًا الموت بحرًا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab