ذبح إنسانيتنا

ذبح إنسانيتنا

ذبح إنسانيتنا

 السعودية اليوم -

ذبح إنسانيتنا

عمرو الشوبكي

صادمة قصة ذبح الرهينة البريطانية، آلان هينينج، الأسبوع الماضى، على يد التنظيم الإرهابى داعش، ليس فقط بسبب هذا النوع من الجرائم الذى اعتاد الإرهابيون على القيام به بحق مسلمين ومسيحيين، إنما لكوننا أمام رهينة دفع حياته ثمن تعاطفه الإنسانى مع لاجئى شعب آخر وديانة أخرى.

القصة صادمة ومؤلمة فى نفس الوقت لأنها تعكس حجم التدهور والانهيار الذى أصاب منطقتنا، وكيف خرجت منها عصابات إرهابية تمارس هذا النوع من القتل المجانى بحق ناس دفعوا حياتهم ثمناً لتعاطفهم الإنسانى معنا، وأن أى قراءة لرحلة الرهينة البريطانى الذى أُعدم سنكتشف معها حجم الكارثة التى أدخلنا فيها هؤلاء الإرهابيون.

آلان هينينج مواطن بريطانى يعمل سائق تاكسى فى مدينة مانشستر البريطانية، حيث عايش كثيراً من المسلمين الذين أحبوه وأحبهم، ولأنه إنسان يتأثر بما يجرى حوله ويتفاعل معه من منطق إنسانى تماماً، فقد تأثر بحجم المعاناة التى يعيشها الشعب السورى، خاصة اللاجئين السوريين الذين عاشوا مأساة إنسانية حقيقية.

وقد انضم هينينج إلى جمعية خيرية سورية تعمل فى بريطانيا وتقدم مساعدات إنسانية لهؤلاء اللاجئين، وقرر أن يذهب إلى سوريا لتقديم هذه المساعدات بنفسه مع عدد من أعضاء هذه الجمعية.

لم يفكر الرجل كثيراً فى أطفاله، ولم يذهب ليأخذ ثواباً فى الآخرة لنصرة أبناء دينه، إنما ذهب لدوافع إنسانية محضة لمساعدة لاجئين لم يعرفهم، وكما قال صديقه وجاره البريطانى، سورى الأصل، قاسم جميل، فى صحيفة «جارديان» البريطانية، والذى ذهب معه إلى سوريا: «آلان رجل عاطفى وإنسانى جداً». وإنه توجه إلى سوريا أربع مرات.

وتابع جميل أن هينينج أصر على المشاركة فى القافلة الأخيرة بدلاً من أن يمضى أعياد نهاية العام مع عائلته. وأضاف: «يمكننى أن أروى الكثير من الطرائف حول الطريقة التى ساعد بها هذا الرجل غير المسلم مسلمين يعانون فى هذا النزاع». حيث ساهم أيضا فى جمع تبرعات لتمويل معدات طبية ومساعدات غذائية تقوم جمعية خيرية بعد ذلك بنقلها إلى سوريا.

المؤسف أنه على مدار أشهر كاملة قامت الغالبية العظمى من المنظمات الإسلامية فى بريطانيا بمناشدة التنظيم الإرهابى بعدم قتله، وقام مسلمون من كل الجنسيات برفع لافتات كُتب عليها «ليس باسمنا»، وطالبت زوجته المسلمة الإرهابيين بعدم قتله وناشدتهم أن يرحموه من أجل أطفاله الصغار، وأن الرجل لم يذهب لمحاربة الشعب السورى وإنما جاء لتقديم مساعدات إنسانية لشعب يعيش محنة.

الرجل لم يكن جندياً فى الجيش البريطانى، ولم يأت غازياً ولا مستعمراً (وحتى لو كان ذلك فهو أمر لا يبرر ذبحه)، وكان مع السلام وضد الحرب، ومع ذلك ذُبح بهذه الطريقة الهمجية.

علينا أن نعترف بأننا من أقل بقاع العالم اهتماماً بقضايا العالم، وأننا فى العالم العربى من أقل شعوب الأرض تضامناً مع الشعوب الأخرى فى قضاياها الإنسانية، ولا يجب أن نرجع ذلك فقط إلى مشاكلنا الكثيرة وفقرنا لأن بلاداً فقيرة كثيرة مثلنا فى أمريكا الجنوبية تفاعلت إنسانيا مع قضايا العالم بما فيها قضايانا، وبقينا نحن متفرجين فى أغلب الأحيان حتى وجدنا من يذبح من تعاطفوا معنا إنسانياً.

صحيح سنقول جميعاً ليس باسمنا ما يفعله السفهاء منا، وأن الإسلام براء من هؤلاء الإرهابيين، وهو أمر كله صحيح، لكنه لن يغير من الأمر شيئاً بأن هؤلاء جاءوا من منطقتنا وانعكاس لأمراضها، وأن مواجهتها لن تكون فقط ولا أساسا بحرب جديدة على الإرهاب، إنما بمواجهة ثقافية ودينية وسياسية لواقعنا المرير.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذبح إنسانيتنا ذبح إنسانيتنا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab