حوارات مصرية 22

حوارات مصرية (2-2)

حوارات مصرية (2-2)

 السعودية اليوم -

حوارات مصرية 22

عمرو الشوبكي

فى غمرة الصريخ والهتاف الذى يخيم على البلاد، وفى ظل أداء إعلامى هو الأسوأ فى تاريخ مصر، اختفى أى نقاش علمى وسياسى عن كيفية إدارة مصر لعلاقاتها الخارجية، وتحولت علاقاتنا بدول العالم إلى نوع من الصخب الفارغ الذى يذكرك بأجواء ما قبل 67 وليس أداء 73، ويدل على عدم معرفة بأبسط التحديات التى تدور حولنا، ولن يوقفها هتاف البعض كل يوم عن عبقرية قيادة مصر، لأننا بالفعل نرتكب كل يوم أخطاء جسيمة قد تعصف بكثير مما تصورناه من المنجزات.

علاقتنا مع الخارج تشمل أربعة أنواع من الأطراف والقوى الخارجية: الأول الدول التى تؤيد المسار السياسى الجديد بشكل كامل، مثل السعودية والإمارات، وسارت حذوهما تقريبا كل الدول العربية، ما عدا قطر التى لا تمتلك إلا مالاً للإفساد والتخريب، والثانى الدول التى تعارضنا ولا يبرز فيها اسم دولة محترمة إلا تركيا، والتى فى طريقنا لأن نخسر شعبها بهذه الرعونة التى يستخدمها البعض، حتى وصل الأمر إلى أن تحول مهرجان القاهرة إلى ساحة للاستقطاب السياسى، وقرر أن يكون فيلم الافتتاح نكاية فى تركيا عن مذابح الأرمن (التى حدثت بالفعل)، ولكن معظم الأتراك بمن فيهم أشد خصوم أردوجان يصدمهم فتح هذا الملف، على اعتبار أن تركيا كانت فى حالة حرب، وأنه عادة ما يكون هناك ضحايا لكل الحروب، كما يقول الأتراك حكومة ومعارضة.

ودون الدخول فى هذا الجدل، فإن نقل الصراع مع أردوجان إلى العلاقة مع الشعب التركى أو حديث عن دعم الأقليات الكردية أو الأرمنية أو قطع العلاقات الاقتصادية (التى نستفيد منها بصورة أكبر) يدل على أننا نعيد بثبات تجارب الفشل العربية التى قُطّعت فيها أواصر الأخوة بين الشعوب بسبب خلافات السياسة.

الرد على أردوجان يكون بإبراز مثالب حكمه وفضح سياساته وليس الإساءة للشعب التركى وحديث المقاطعة الذى نكرره مع كل أزمة منذ الرسوم الدنماركية وحتى «رباعية أردوجان».

أما الطرف الثالث فى المعادلة الخارجية، فهو الغرب المتقدم والجنوب النامى، أى باقى بلاد خلق الله، وهنا سنجد مصر بدأت تعيد اكتشاف أفريقيا مرة أخرى حتى لو متأخرة (ربما تكون كل تأخيرة فيها خيرة)، وتحاول أن ترمم عمقها الأفريقى بعد أن ظل مستباحاً من أطراف كثيرة من خارج القارة.

أما موضوع أوروبا وأمريكا، فمازلنا بعيدين تماما عن التعامل الصحى والسوىّ معهم، فهذه البلاد لديها مشكلة عميقة فى علاقتها بدول العالم الثالث تتعلق بإيمان نخبتها بالديمقراطية أو بالأحرى هى نتاج نظم ديمقراطية، وفى نفس الوقت حرصها الشديد على تحقيق مصالحها، وإذا تعارضت المبادئ الديمقراطية التى تؤمن بها مع المصالح فإن هذه النخبة اختارت فى أغلب الأحيان الأخيرة. والمؤكد أن موقف الدول الغربية مما جرى فى مصر كان خليطا من عدم الراحة من مبدأ تدخل الجيش فى العملية السياسية مختلطا بالمصالح والرهانات التى بنيت على الإخوان، ثم بعد ذلك عاد واعترف بالأمر الواقع، بصرف النظر عن موقفه المبدئى من هذا التدخل.

والمؤكد أن كثيرا من السياسات الغربية، خاصة الأمريكية، اتسمت بالمراوغة والتحايل والكيل بمكيالين، أما نحن ففى غمرة تركيزنا على معايير أمريكا المزدوجة نسينا أن هناك فى كل المجتمعات البشرية أصوات ضمير، يزيد تأثيرها فى النظم الديمقراطية ويعبر عنها مثقفون وكتاب وفنانون وسياسيون، وهؤلاء يؤثرون بالقطع على صانع القرار حتى لو أحيانا.

والحقيقة أن معضلة مصر فى الوقت الحالى ليست فقط أو أساساً أنها مختلفة مع أمريكا والغرب، فقد اختلف عبدالناصر معهم بصورة أشد، إنما فى كونها لم تربح معركتها الأخلاقية مع القوى الحية داخل الغرب والشرق أيضا على عكس عبدالناصر الذى خسر النظم الغربى، إلا أنه كسب صوت قوى الضمير فى العالم كله، ودافعوا عنه بشدة، باعتباره صوت تحرر وطنى يبث قيم العدالة والمساواة بين شعوب الأرض، فكان له ظهير شعبى وأخلاقى داخل الغرب والشرق معا، عوضته ولو جزئيا خسارته للنظم.

أما الآن فالغرب الحاكم يتربص بمصر، لا يرغب فى تفكيكها ولا تقدمها، أما ضمير المجتمع الغربى وشعوب العالم وصوته الديمقراطى فهو فى غالبيته الساحقة ليس مع الحكم الجديد فى مصر وينتقد بصورة جذرية الانتهاكات التى تحدث فى مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والإغلاق التدريجى للمجال العام.

أن تخسر وأنت تحاول تأسيس مشروع سياسى جديد صوت الضمير فى العالم كله ولا تحاول أن تتحاور معه من الأساس، وتكتفى بأن تكلم نفسك وتتصور بكل بساطة أن كل النخب العلمية والسياسية هى مجرد أدوات لحكامهم، كما يحدث فى الدول غير الديمقراطية، حتى تعطى لنفسك حجة بعدم التواصل والحوار معهم.. بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف، فإنك حتماً ستخسر معاركك القادمة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات مصرية 22 حوارات مصرية 22



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab